التخطي إلى المحتوى الرئيسي

(39) كعك من الطرف الآخر للمدينة

الجبين المتشقق المليء بقشور بيضاء دقيقة كنتف المحارم، صوت سُعالي في هدوء الليل، الكثير من النوم وأكل التمر وشرب السحلب الحار، الشامبو الأصفر برائحة القطران، هذيان الضوء الأزرق لحسين البرغوثي، الإكزيما المزعجة كقبيلة نمل على جلدي، عدم الكتابة، نكهة الحبة السوداء في الكعك الشعبي الآتي إلى بيتي من  صديقة أمي وجارتنا القديمة، المزيد من الأفلام ومسلسل تركي اسمه " ملكة الليل" ، رغم عيون البطلة الزرقاء، ووسامة البطل الحزينة، يسحرني دور الكهل المجنون، له حضور مميز، مجنون وحقير ولكن إنها عينيه... ـ الشريرتين الغائصتين في لحمه المتغضن برعب على هيئة تجاعيد صغيرة ـ لهاتين العينين سحرٌ غريب ... ولأجل هذا المجرم أقرر متابعة هذا المسلسل الممطوط .

***

لماذا لم أبدأ في قراءة" موبي ديك " ؟
لا أدري، فقط إنه ديسمبر، لكنني الآن ألاحق الزمن بقراءتها بعد الضوء الأزرق المريع لحسين البرغوثي، هذا الرجل مجنون ومايكتبه مختلف تماماً عن كل ماقرأت في حياتي... إنه كتاب سيرة ذاتي علي شكل مذكرات متفرقة، لشاب فلسطيني يعتقد أو هو موقن بجنونه، يكتب عن عالمه والمجانين اللذين يلتقيهم أثناء دراسته في أمريكا وبودابست، لسببٍ مجهول أتذكر سيرة حياة فيرجينا وولف وماكتبته مرة عن سماعها غناء العصافير باللاتينية أثناء قراءتي لما كتبه حسين عن محاولة البحر لخنقه، ومهرجان الأضواء التي تحركه في الليل وهو نائم ...هذه قراءة مقضومة وتدوينة مسروقة من مسودة كُتبت قبل ديسمبر كنت فيها قد عزمت على إنهاء ١٠ كتب قبل بدء الشهر الميلادي الأخير، ولم أقرأ سوى خمسة كُتب وبقيتُ عالقة مع حسين و أضواءه  .

***

في نوفمبر كنتُ أدفع الكتابة وأصدُ عنها، أكوابٌ تروح وتجيء من شراب الزعتر واللويزه، كُل ليلة تتقافز الأفكار في صدري ورأسي وكسلي الخريفي يدفعها .. لقد مضى زمنٌ طويل، و يجب أن أكتب عما قرأت :

آدم ذات ظهيرة ـ دار أزمنة :
مجموعة قصص مترجمة لعددٍ من الكُتاب في ١٦٠ ص من القطع الصغير، كتابٌ خفيف، ممتع وفي خفايا القصص عمقٌ لا يستهان به، ترجمته جيدة لكن خط الكتاب المطبوع على الأوراق الرقيقة أرهقني أثناء القراءة ، سعدت جداً بقراءة قصة لكاترين مانسفليد، وكانت قصتا الحرب للويجي بيرانديللو والغرفة المفروشة لأو هنري ، قد غادرتا الكتاب وسكنتا ذاكرتي بإلحاح.

دومة ود حامد ـ الطيب صالح :
الطيب صالح يكتب قصصه القصيرة.....مصطفى سعيد يتنكر في كل قصة يكون طفلاً ،شاباً، عجوزاً، إمرأة .. كُل مرة يظهر بحلة لكنها لنفس الثيمة و ونفس الهم، لستُ أراها مدخلاً جيداً لأدب الطيب ... دائماً أنصح الأصدقاء والقراء بخيار عرس الزين، هذية الرواية الرقيقة الأسطورية الرواية الحية مُذ الطفولة وقراءتها الأولى فيّ .

عائلة باسكوال دوارت :
كم كتاباً بقي يا عبدالله ؟
حسناً أحب أن أكون متريثة ودقيقة فأقرأ فقط حين تناديني الكتب، بقي لقيطة إسطنبول لإليف شافاك .... لماذا أهديتني كتباً مرعبة ؟ أنت ترسل لي أعماق الكُتاب والروائين ، مقالات جبرا الموجعة كنصل سكين، عذابات الأصوات الأربعة لفرمان، مأساة سانتومي في هدنة بينديتي، وجحيم باسكوال دوارت .
الروائي الحقيقي يحفر صفحات قصته داخل جوفك، في معدتك وأحشائك وقلبك، هذا مافعله كاميلو خوسيه ثيلا ، من أين أتته القصة ؟ من أي جريمة إنعتقت ؟ هل هذا خيال الكاتب ؟ إن كان نعم فقد بِتُ أخشى مخيلة الكُتاب .
في عدد مجلة العربي لشهر نوفمبر ٢٠١٦ هناك مقالة  مترجمة :؛ عائلة باسكوال دوارتي، اعترافات معاصرة في أدب التهويل " لمترجمة أسبانية تُدعى : " نويمي فيرو بانديرا "، أنصح بقراءتها عن هذه الرواية فذلك أجدى من مزيد من الرعب المقذوف من قبلي في هذه التدوينة تجاه الرواية .

الحلم و الأوباش ـ مو يان :
القراءة الثانية له، بعد عددٍ من القصص القصيرة والحقيقة أنني أحببت القصص أكثر من هذه النوفيلا القصيرة، فقد بدت الواقعية السحرية لمو يان فضيعة ومقززة، ونهايتها مستفزة تماماً ... لكنها رواية تُقرأ، روايةٌ سريعة وتصلح كمدخل لأدب هذا النوبلي الصيني .

لماذا نكتب ؟ ـ نشر منصة تكوين الإبداعية :
لقد عاش هذا الكتاب في حقيبتي عدة أشهر أقرأ وأكرر قراءة الصفحات وكلما مللت كتاباً عاودت قراءته ..
٢٠ كاتب يفصحون عن أسرارهم للكتابة، ويتحدثون مطولاً عن عملية الخلق الصغيرة هذه، تُرجم هذا الكتاب بالتعاون مع أكثر من مترجم عربي شاب و ريعه  ذهب لتعليم أطفال العالم .... أنهيت قراءة هذا الكتاب بشكلٍ كامل في نوفمبر.






تعليقات

  1. اتصال آمن مع أنظمة الاتصال الداخلي للمنازل والشركات

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

( سرير الأشباح ) ... قصة قصيرة

أحسّ بموجة هواءٍ حارة ، عرف أن النافذة جواره فُتَحت لثانية ثم غُلَقت ، حاول أن يرفع رمشيه الباردين ، حاول أن يقاوم ثِقَل المرض الماكث في خلايا جفنيه ... ، حاول ولم يفلح ، تمنى أن يرى الدنيا من نافذة السيارة المُسجّى على مرتبتها .. كان رأسه يقع تحت كوتها مباشرة ، مرة ثانية أحس بشيئٍ حار يلسع وجهه دون أن يشم الهواء ، عَرَفّ أن الشمس نجحت في مقاومة غيمة وتبديد ظلمتها الرمادية . أعياه الإحساس المشلول بالأجساد والأشياء حوله ، تمنى لو يُقَطِعُ جسده ، يفتته إلى قِطّع صغيرة ، ثم يبعثر ذاته في الفضاء عبر النافذة حتى لا يبقى منه سوى دُفقة نور ... روحه المُنهكة ! حينها قد تفضحه رائحة المرض والسرطان الذي سكن هيكله المسكين بضع سنين ، ودمّر حياته ، حتى أنه ذاق الموت أو كاد مراتٍ عديدة... أصطدمت رأسه بالمرتبة الأمامية بفعل القصور الذاتي _ حين توقفت المركبة _ ... ماذا قُلت ؟؟ قصور ذاتي ؟؟ لازالت العلوم الطبيعية تحفر عقلي ، وتُذَكرني بأني كنت مُدرساً محبوباً لمادة العلوم ..احترق جفنّاي، لابد أن الدموع تثابر لمقاومة الصمغ المتلبد بين الرموش .. أحسست بيديّ إبني سعيد وهو يتحسس قدميّ ليطمئن عل...

نجار في رأسي (47)

أقرأ النباتية(١) الآن. كُنت قد قطعت شوطاً طويلاً حتى وصلت إليها مُعتبرة قراءتي لها الآن احتفاء بمثابرتي كما يجب: ١٥ كتاباً خلال ٥ شهور بواقع ٣ كتب شهرياً. *** تنتمي هذه الرواية لأدب الكارثة، وهي ثاني رواية  كارثية أقرأها خلال الفترة السابقة بعد رواية خرائط يونس للروائي المصري محمود حسني. في كل مرة أحاول التدوين تفترسني رغبة الحديث عن الخمسة عشر كتاباً! فأتبلبل وأضيع، تجاوزت معضلتي هذه بصعوبة في رمضان، ورغم التدوينة الرمضانية المحشورة محاولة مني لنفض غبار رأسي واستئناف الكتابة إلا أنها أتت كمن يطهو للمرة الأولى  ديك رومي ليلة الميلاد! لم أطهو ديكاً رومياً ولا مرة، إلا أن مشاهد ليلة رأس السنة  في الأفلام والمسلسلات جعلتني أقيس التجربة بخيالي وأقيم صعوبتها العظيمة، والتي لا يمكن مقارنتها بأي طبقٍ محلي أو عالمي أعرفه، ومارأيت من لذة في تلك الليلة من تناول لحمٍ طري كالزبد قد جعلتني ألمس صعوبته وتطلب إحساس الطاهي الرقيق في صنع الطبق... ليلة عيد وطبق مستحيل وثلج! معضلة متشابكة تشبه المشاريع الكتابية التي أؤجلها كل مرة، تدوينات ومقالات أحلم بتدوينها. أنا نجار فقد مهارة قطع...

أَكتُبْ كما لو كُنتْ في التاسع والعشرين من مايو (34)

هذه التدوينة عبارة عن مسودة ، كنت أشطب وأكتب وأضيف فيها طوال شهر مايو، ولمّ تُنشر إلا الآن ... العجيب ما حدث في مايو ! حيث تضاءلت كتاباتي وتدويناتي اليومية الخاصة فيما تصاعدت وتيرة قراءاتي، لتكن العلاقة بين القراءة والكتابة عكسية، لكن الأهم أن يبيقيان ضمن إطار علاقةٍ ما ...هذه التدوينة عبارة عن ماحدث مع القراءات في شهر مايو.. في هذا الشهر واللذي يصادف شهر رمضان ستكون قراءتي مرتكزة على كتابين : أسطنبول: الذكريات والمدينة لباموق، ومن شرفة إبن رشد للكاتب المغربي عبد الفتاح كيليطيو . *** خمسة أصوات ـ غائب طعمة فرمان قرأت هذاه الرواية بتدفق وإنهماك ثم توقفت قرابة الشهر .. لماذا ؟ لقد ضاع الكتاب في سيارة أحد إخوتي، لأجده بشكلٍ غرائبي داخل درج خزانتي .. صحيح أن رعدة سريعة مرت بي وأنا أتأكد من أن الكتاب هو ذاته كتابي ... لكنني إبتهجتُ جداً حين تأكدت من أنه هو : كتابي البنفسجي الضائع . قراءةٌ أولى لغائب، لقد أهداني أحد الأصدقاء هذه الرواية، طوال القراءة كان يمر بي طيف نجيب محفوظ، إنه يشبه سرد محفوظ إلى حدٍ ماـ خاصة في رواية ميرامار ـ حيث تتعدد أصوات الرواة كما فعل غائب متنقلاً بين خمسة ...