التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من مارس, ٢٠١٢

197

" ثمة السؤال عن شعوري حينما كنتُ أعملُ على دفتر اليوميات، أكنتُ سعيدة أم غير سعيدة، أكنت أستشعر هزيمة الآخر وقهره أم حزينة . هذا سؤال من الصعب الإجابة عليه. لم أكن أرغب القبض على الماضي، بمعنى  أنني لم أشأ أن أعود لأعيش في داخله. كان أمراً يدعو إلى البهجة أن أجد بأن الأشياء والناس والأماكن التي أحببتها يمكن أن تظل حية للأبد. سعدت لإدراكي بأنني قمت ببعثهم للحياة على نحو مستمر ودائم. ذلك الإكتشاف الذي دفعني لأن أعمل على تحرير اليوميات. " * أناييس نن

بُرج الكتب !

لمّ أنوي الكتابة هذهِ الليلة، كُنت متأهبة كقطة لعوب لمشاهدة فيلم الفنان الحائز على الأوسكار هذه السنة .. ولكنّ أحياناً نمشي في الدروب الكثيرة الملتوية كأفعوان .. حتى تأتينا خبطة على جماجمنا فتعود لعاداتك الأولى . أجزمُ أنّ التخمة تفعلُ ما يفعله شبحُ الجوع، تجعلك للحظة تكره الطعام وتتخيله مادةً محايدة لا طعم ولا لون ولارائحة لها.. مادة بيضاء، هذا ما حدث معي حينً تجولتُ في أروقةٍ تحوي آلاف الكُتب .. فصِمتُ عن الكتابة والحكي، وطفقتُ أقلبُ الكُتب في وله وعدم تصديق . كُنتُ قد ذهبتُ مرتين إلى معرضِ هذا العام .. حسناً أعلمُ أنّ هذه التدوينة متأخرة، بلّ ومُفرطة التأخير ..حتى أنّي للحظة قررتُ عدم كتابة شيء عما فعلته وما اشتريته وما طبعه عقلي وقلبي عن حفل الكتاب البهيجِ هذا، لكنّ أيضاً تغيرت القناعات والخطط في لحظةٍ .. جاءت وراحت قبل قليل . حصليتي الكبيرة في كتاب محمد سلماوي " في حضرة نجيب محفوظ " الصادر حديثاً .. حوى آخر اللقاءات بالنوبلي محفوظ وأندرها، التي قام بها رفيقهُ المقرب سلماوي، سلماوي مقربٌ جداً كما اكتشفتُ من تصفح الكتاب ...فهو المندوب الذي حضر عنّ

حكاية جيورج بيندمان

أحاولُ كتابة قراءة مبسطة، وأمام المساحات الفراغية أكتشف أن البساطة لا تنصف قراءة لكافكا .. الإعتيادية هي صفة ظاهرية لما يكتب، لكنّ في الحقيقة إشارة إلى ما هو غيرُ إعتيادي .. لاأكذب إنّ قلتُ ان فهمي لنصوصه يبدو سلحفائياً،أقلبُ الصفحاتُ وجلة : وماذا بعد ؟ أولاً : كانَ الحُكم الجائرُ على جيورج مُرعباً لي وقت تلك القراءة، كنتُ حينها متيقنة من سماع صوت إصطدام جسد جيورج بالنهر .. أي ألم أن تحس بسقوط إنسان من فوق جسر، ليموت مع الأسماك التشيكية دون ان تملك يداً تمدها لتنقذه ؟  ثمُ أعرجُ على كارل روسمان الفتى المرسل لأمريكا بسبب ذنبٍ لم يدر أنه أرتكبه، ليتعلق بالوقاد ... الوقاد الترجمة العربية لعنوان القصة لمحةٌ رائعة من وطفي، ثمّ ... لنؤجل الحديث عن كارل .. بعد أن أعيش تفاصيل حكايته الطويلة المسماة أمريكا الممتدة بلا نهاية .  لنعد لجيورج،علقت قصة " الحُكم " في ذاكرتي ،غرست أنيابها وجعلتني أفكر : من هو جيورج ؟ هل هو كافكا ؟ يبدو لي الصديق المهاجر لروسيا أمنية كافكا في أن يكون مثل حاله : وحيداً ، منعزلاً ، معدماً ..آنذاك . القراءة الثانية كانت قبل قليل، كانت مختلفة تماماً ... جي

8

أنّ تقرأ وإصبعُ الذكريات القديمة يدفعُ يدك لتختار ذلك الكتاب الذي عبث بمخيلة الطفل الذي كُنت.. يعني أنّ تقرأ بعيني قارئين وبعقلي قارئين : القارئ الذي غدوتهُ الآن، والقارئ الطفل الذي كان يتقافز بشقاوة على صفحات مجموعة قصصية لا يقرأها سوى الكبار كما فعلتُ أنا . كُنتُ في حوالي التاسعة، وكُنتُ في بيت الجد، كُلُ ذكريات القراءة وأنا طفلة يحتضنها بيتُ الجد، أحمدُ الله أنّ خالي الذي أُسميه عرابي في القراءة اشترى ذلك البيت ولمّ يهاجر مع قطعان الهجرة التي نبذت مواطن الذكريات .. وبحثت عن مواقع جديدة راقية .. أكتفى خالي بأسطوانات الطلاء الضخمة ومهندس ديكور ورائحة الحنين ليجعل هذا المنزل ذا رونقٍ خاص . في ذلك البيت كنتُ  أبحثُ عن أي سطرين متناغمين لأنطرح على بطني وأغمس الملل في متعة السفر عبر القراءة، رأيتُ ذلك الكتاب الرهيف، أحمله وأقلبُ صفحاته لأكتشف أنّ جُلّ كُتلته مُتركز في التجليد المتين للغلاف الأخضر الداكن، بلا صور... على الغلاف فقط سطرين إحداهما لعنوان القصص والآخر يحملُ إسم المؤلف : ( 16 حكاية من الحارة، محمد صادق دياب ) أقرأ القصص وأذوق طعم الحلوى الحجازية وأسمع أناشيد المسحراتي في ر

هذهِ الليلة لا تُريدُ أن تنتهي

الشمسُ لمّ تتأهب بعد .. والليل طويل طويل .. والأفكارُ كشخوصٍ إفريقية تدورُ حول نارٍ عظيمة .. ترقُصُ بحماس مميت ! ترقص .. ترقص .. تتأرجحُ أعناقها، تنثني ظهورها بألم .. العرق يجعلُ الجسد الأسود للأفكارِ لامعاً .. ولكنها لا تزالُ : ترقصُ .. ترقص تخبو النار .. تتلاشى .. تنطفىء . والأفكارُ السوداء تُحضر الحطب! وتُشعلُ النارِ المُحتضرة .. تُضرب الطبول ... والأقدامُ تهزُ الكون ! وفي ليلةٍ سوداء لا تنتهي .. يشتعلُ رأسي كنارٍ إفريقية .. بلا رماد.... كالعنقاء !

7

حينَ  انغرست فكرة كتابة اليوميات كبذرةٍ في عقلي، ثمُ نمت وأورقت وأثمرت ... كانتّ تلك البذرة مُهداة من عرابي في القراءة : الكاتب القارئ آلبرتو مانغويل وكتابهُ " يوميات القراءة" .. كُنتُ أظنُ أن رعاية البذرة بكتابتي المستمرة لليوميات ستكونٌ سهلة كسقاية ماء لشجرة ! لكنّهُ أصعبُ كثيراً من ذلك .. إنه إلتزام ، وكُل الوعود والإلتزامات التي تُكبل أعناق حرياتنا الموهومة نسارع إلى نقضها .. وهذا ماكنتُ أفعله حين إنقطعتُ عن كتابة اليوميات للقراءة .أنا اعود وفي جُعبتي ثلاثُ كُتب وكلامٌ قليل، ووقتي الذي أُسرفُ في إلباسه عباءة الأهمية ليتبدد على أشياء غير مُهمة . الكتاب الأول  لأبو القصة القصيرة : خورخي لويس بورخيس وعبرَ كتابه مرايا ومتاهات، نصوصٌ عجيبة، يكتبها إنسانٌ أعجب .. السيرة لبورخيس تبدو مُخيفة وتُمدُ الأيدي للتحذير مِن إمتهان الكتابة... عاش وحيداً، أحب إمرأتين وقبلهما كانت المكتبة إمرأته الأثيرة ... أُصيب بالعمى في كهولته حتى تُوفي . حاولَ أنّ يصف العمى كتجربة ليست سيئة في هذا الكتاب بان قال في نصّ " الآخر " : ( .. أجل . فحينما تبلغ سني، ستكون قد فقدتَ البصر كلياً على وج