دخل السوق لشيءٍ ما ونسيه، ورآها أمامه بحذاءها المقلوب وأصبح يفكر فيها، فجأة إمتد إنزعاجه من حذائها حداً لا يطاق وأصبح يسير خلفها في أروقة السوق وهمه الأوحد والأخير أن يصل لطريقة يعدل فيها حذائها .. وكأنما تلك المهمة هي المهمة الأخيرة في حياته ، يستكمل خطواته وأمامه تسير المرأة بشالها الملفوف حول رقبتها ورأسها وخصلات شعرها المنساب كماء علي ظهرها ، تتأرجح مؤخرتها النحيلة المشدودة تأرجحاً مدروساً، ويكاد يصرخ داخله كيف تتمكن من السير بثقة هكذا بهذين النعلين المقلوبين ؟ يكز على أسنانه ويجد في المشي ورائها ...تغوص داخل السوق .. السوق حار وخانق وتلك اللعينة تمشي أمامه بنعلين متنافرين ، تتأرجح تفاحة آدم في عنقة ويستطعم ريقه المر العطشان، ويزدرد عطشه ولا يستطيع بلع حنقه من المرأة التي تمشي بثقة بهذين النعلين بل تتوقف أمام محل إكسسورات وتجرب الخواتم والأساور وتصطاد الخلاخيل وتقلبها بين يديها . يدعو الله أن تجرب خلخالاً لتنتهي هذه المعاناة ... سيصرخ قبل أن ترتدي الخلخال ويقول لصاحب الكشك نصف السكران أنّ نعليها معكوسان ويجب أن تعدلهما ... ترمي الخلاخيل بعصبية وتبصق على الرجل، لقد لمس يدها ... ليس ملوماً بالمرة ... فبلا ريب أن رسغيها لينان بضان كمنظر كاحليها من الخلف ... اللعنة علي هذه المرأة لماذا أتتت في طريقي هذا اليوم ؟ تصعد تلة السوق الشعبي وترفع تنورتها البنفسجية الطويلة لتتضح ساقاها المشدودان الممتلئان بإتساق مذهل وشهي، لكنه لايستطيع أن يوقف مخه للتفكير في هاته الساقين ... إن حذائها مقلوب! ... تقترب من بوابة السوق ..شعاع الشمس الغائب يوشوش نظري ونظرها فهي ترفع يدها اليسرى أمامام عينها وألمح إلتماع الذهب في بنصرها، مرتبطة إذن ! اللعنة عليها وعلى حبيبها الغبي الذي يعشق إمرأة ترتدي النعلين معكوسين .... لابد أن قدمها اليسرى تماثل اليمنى واليمنى تماثل اليسرى ! اللعنة كيف يمكن أن يصير ذلك! لاريب أنها مخلوقٌ شيطاني ، أو كائن فضائي متحور بشكل فتاة لايعرف الفرق بين الفردة اليمنى واليسرى ! ... تسري رعدةٌ غريبة فيّ ، تشبه إهتزاز الشرارات الكهربية وأحس بها حتى في أظافري، ويستحيل ريقي لكتلة يابسة كالعلقم والفتاة تروح وتجيء وتقهقه وهي تتكلم في الهاتف النقال ، وترمقني بخبث ... هذه الوقحة الوضيعة ... لقد دمرت يومي كُله ! أقترب منها إلا أن الرعدة تزاد شدتها، أتذكر وجود سيجارة في جيب القميص الأمامي وأشعلها، والرعدة لا تفارق أصابعي الممسكة بالسيجار ولا شفتي النافثتان الدخان بقوة ظاهرية ... فيما ترتعد مفاصلي ومعدتي، وأحسُ قلبي يرتعد إرتعاداً جنونياً .... أحسم أمري وأتقدم منها وفي نفس اللحظة تتوقف سيارة رخيصة ، مدعوكة بالوسخ وينزل منها شابٌ أسمر يفوقني ب ٣٠ سينتيمتراً في الطول وتكلمه الفتاة وهي تُشير وتنظر إلي، وقبل أن يندفع والشرر يتطاير من عينيه أواصل خطواتي المهزوزة كمومياء وأصرخ كغراب حيث أن جفاف حنجرتي وصل حده الأقصى ، فأشير له و يدي تتخبط فيما هو يتقدم والزبد يتطاير من فمه وهو يقول " ماذا تريدُ منها ياكلب ؟ " .. وأُفلح في إخراج صوتٍ غريب له طعم الحديد الصديء : " حذائها معكوسان " وأشير لأقدامها ليلتفت مشدوهاً ليرى قدميها أخيراً ... أما أنا فلم أعلم سوى عن الدم المتدفق في حلقي، والسماء السوداء المشتعلة بألف نجمة منبثقةً في عينيّ، وصوت عظامي وهي تصطدم بالرصيف .
" لتبدأ الحياة كل يوم كما لوأنها بدأت للتو " غوته ( 1 ) الإجازة فرصة لتغوص أكثر في ذاتك ، تجربة جديدة لأرضٍ جديدة تزورها.. تكتشفها ، تبحث عن تاريخها المدون على سمائها وفي أوراق حشائشها . الإجازة تعني لي لذةً جميلة تتناسل كل عام للتوحد مع كتاب وإتمامه في أيامٍ معدودات على ضوء قمر وشاطيء ورائحة ملح ، أو تحت ظل شجرة وهدوء ظهيرة باردة ، الإجازة محاولة للتحرر من الضغوط و الإلتزامات السخيفة المكبلة لي .. الإجازة حرية مؤقتة تُهديها نفسك ، وعلاقة تجددها مع الروح لتكون روحك هي صديقة روحك .. الإجازة أنت وأنا ولا شيء آخر . ( 2 ) البدايات صعبة و القراءة كأي بداية متعثرة متخبطة غير ثابتة كخطى الطفل الرضيع ، بداياتي كبداياتكم جميعاً قصص المغامرات والألغاز، شُغفت بها اقتنيت كل ما قدرت عليه .. المغامرون الخمسة ، رجل المستحيل ، ملف المستقبل ،( حتى الروايات العاطفية جاء عليها الدور بس ما طولت فيها ).. انغمست في أدب آجاثا حتى النخاع ، غمرني محفوظ ابو روايتنا بحنانه وقوته الروائية ، بدأت أتنوع ... أحرص على أن استفيد من الكُتب ومن القراءة .. قبل أن اقتني أي كتاب ابحث عنه وأصنفه وأق...
أخت فاطمة يعطيكي العافية على كتاباتك الجميلة
ردحذفأتمنى أن أتواصل معك ضروري.. أنا صحفية من مجلة لها واعمل على تحقيق صحفي يخص المدونات واود أن تشاركيني برايك، تواصلي معي على الايميل azizah_1727@hotmail.com
0556048676
تهيئة حلول الاتصالات VoIP في السعودية وأهميتها للشركات
ردحذف