أريدُ أن أطير
كاد أن يحترق البيتُ بالأمس .... حينما قالوا لي أن المنزل تعرض لماسٍ كهربائي فكرتُ في صندوقٍ أسود مستطيل أحفظُ داخله مفكراتي القديمة، ودفتر كشكول الصف الثالث الثانوي، ومذكرة صغيرة فيها حلي الخاص لبعض معادلات التكامل، ومجلدات كافكا الثلاث المهداة لي من الكويت .
****
تُلحُ علي فكرة طيران الساحرات على المكانس، صورة الساحرة ذات السن المهتز الوحيد في الفيلم الكرتوني " توم وجيري " وهي طائرة علي مكنستها المهترئة كانت تجعلني وأنا طفلة الثامنة أو السابعة سعيدة جداً ومستغرقة في فكرة الطيران مثلها يوماً ما . ألم أحكي لكم في أحد التدوينات عن قصة قراءتي لأساطير شعبية للجهيمان ؟
أثناد قراءتي للأساطير تقفز فكرة الطيران مرة أخرى وأنا بوعيٍ أكبر، ساحراتان عربيتان في قرية صحرواية ـ تُشبه الرياض ـ تركبان جذع نخلة خرب ومجوف بمهارة، يتمتمان بطلاسم سحرية وتطيران! هذه الفكرة تدغدني، الطيران الحر بأي شكل ... أتأمل بالونات الهيلوم وفقاعات الصابون وأتمنى لو تصبح مرافقتي لها حقيقة ولو على سبيل الخيال أو الأحلام، أو ضربٌ من المستحيل بمقابلة ساحر مثلما حدث لنيلز حين مسخه الساحر لمخلوقٍ ضئيل وتعلق بقدم الإوز وطار .
****
بورخيس رجلٌ كفيف ،معلول ولذا كان يطير عبر أحلامه، كانت أحلامه ضرباً من المستحيل أو من الكابوسية المرعبة يقول انه يحلم و يحاول كتابة شيء بدقة الحُلم ....حلمي الأزلي هو نزول درجات لا نهائية ، أو التوهان في سرداديب قصرٍ مهجور .... في كتاب بورخيس ذاك سلط مانغويل الضوء علي بورخيس من مجالٍ آخر، يبدو ككاتب مستهتر بفكرة الكتابة.. يطرح أحلامه الحقيقية في هذا الكتاب وطريقته في الجلوس والكلام وسخريته المُرة من الأدباء الثقلاء ... زارني ذات مرة في حلم وسمعت قرع عصاه على البلاط، كان حُلماً مهيباً... كتبتُ عنه هُنا
****
بلا نهاية سأكتب عن الأحلام والطيران، ـ إنها العوالم التي تعلقت بها منذ طفولتي وحتى الآن وأنا في الثانية والثلاثين ـ إضافة للقراءة التي غدوت لا أنفك عن الحديث عنها، بصوت لا مسموع بيني وبين ذاتي كعقلين منفصلين، والحديثُ عنها هُنا كتابة في المدونة، وأوراق العلكة، ودفتر المذكرات السخيف المرمي بإهمال جوار السرير على المنضدة.
حققت لي القراءة : الطيران بشكلٍ مختلف وغير محسوس ومثير ، سفرٌ عقلي بين الورقات الصفراء المغبرة وبين عيون بورخيس البيضاء ونظارة محفوظ السوداء والفم المزموم لشافاق وبينديتني، إنني أقلع بلا صوت أرتفع رويداً رويداً كل ليلة حتي أغادر عالمي المحاط دائماً بالجدران ... لن أبالغ اذا قلت لكم أن حفيف الأشجار أثناء طيران هاري بوتر في رواياته قد سمعته فعلاً ، ولنّ أحكي لكم عن الخفة أثناء إمتطائي المكنسة مع هيرميون . لقد مارستُ الطيران بكل تواضع ... إنني لا أكذب ! ففي عالم الأدب لايوجد كذب ولا واقع ولا حقيقة هناك المتعة اللانهائية المحسوسة كُلياً بكل صدق .
****
في شهرِ مايو مارستُ التحليق جيداً عبر قراءاتي المتنوعة، قرأتُ للقاص العراقي حسن بلاسم مجموعته القصصية معرض الجثث وسافرتُ معه لعوالمه الشنيعة التي لا تطاق، لقد كان صادقاً بشكلٍ جارح وقاتل أثناء الكتابة ولذا منحته ثلاث نجمتات في تصنيف الجودريدز بكل راحة، كانت فجاجته تلك قد جعلت فمي يفيض بمرارة كالعلقم حتي إنتهيت من بلاءه القصصي الفظيع، لكنه كاتبٌ حقيقي وجديرٌ بكل الإحتفاء الذي حظي به ... سأكتب عنه تدوينة خاصة إن شاء الله .
إضافة لكتاب مانغويل القصير " مع بورخيس " الصادر عن دار الساقي ـ والذي يمكنكم إنهائه في جلسة قراءة واحدة! ـ سوف أحكي لكم بالتفصيل بالطبع عن حكاية جوناثان الأسود والنورسة محظوظة وعن دموعي أثناء قراءتي لقصة لويس سيبوفيلدا " قصة القط والنورس الذي علمه الطيران" في تدوينة قريبة ، وبين يدي يقبع كتاب يوسا الحذق " رسائل إلى روائي شاب " بقطعه المكافيء ودودته الوحشية في صفحاته الأخيرة ، وتبقى محظيتي إيزابيل بكتاب إفروديت كفاكهة حلوة مابين كتابٍ وآخر . أما رفيق حقيبة اليد : منقذ الإنتظارات الطويلة في صفوف المشافي، وأرتال السيارات المرتصة الساكنة في شوارع الرياض المكتظة، صديق رحلة الأسواق " لاتهتم بصغائر الأمور فكل الأمور صغائر " فتبدو قراءته كمنح إبتسامة صادقة وحقيقية مساء صيفٍ رطب .
عزز مستوى حماية الشبكة الخاصة بك باستخدام حلول جدار الحماية
ردحذفلمزيد من التفاصيل يمكنك زيارة متجر مدن الاتصالات | https://modn.com/ar/firewall
توفر شركة مدن الاتصالات العديد من الحلول التقنية لحماية تهديدات أمان الشبكة
ردحذفhttps://modn.com/en/network-solutions?utm_source=falsfaglam&utm_medium=organic&utm_id=N-101
تهيئة حلول الاتصالات VoIP في السعودية وأهميتها للشركات
ردحذف