التخطي إلى المحتوى الرئيسي

23



كان العالم يركض هرباً من بومة ضخمة يحملها تقويم حضارة المايا، إنها نهاية العالم حسب قولهم والبومة طائرٌ حكيم بريءٌ من تشاؤمهم، لذا سأرتدي قميص البوم الكُحلي الذي أحبه .. وأحمل قلماً وورقة في ذلك اليوم وأحاول حساب عدد الكتب المقروءة في هذه السنة .. يالسخف العالم إن إعتقد أنه سيعلم بوقت مجيء هذا اليوم !
***
ماذا قرأتُ قبل نهاية العالم ؟
ماذا لو أننا نعلم متى ينتهي هذا العالم؟ ماذا لوكانت نبوءة الفرنسي نوستر أداموس صحيحة في عام 1999 ؟ أو صدقتْ نبوء تقويم شعب المايا بأن يمثل الجمعة 20 ديسمبر 2012 قمة الهرم ونهاية تقويمها إلى الأبد ؟
كنتُ في العام 1999 صغيرةً إلى حدٍ ما فلم أعي تماماً كلام الجرائد وإشارات الكتب، قرأتُ فيما بعد .. بعد حوالي 3 سنوات وكنتُ وقتها في الخامسة عشرة قرأتُ عن نوستر أدواموس بقلم مؤلف الخيال العلمي المصري د. نبيل فاروق، ولكم حلمتُ بصورة هذا الفرنسي المشعوذ ذو اللحية الطويلة حين يتلقى نبوءاته.. فقد كتب الدكتور نبيل فاروق عن غيبوبته العجيبة التي يصابُ بها وهو يكتب اشعاره الرباعية الغامضة في حالة صرعية غائبة عن الإدراك الحسي بالموجودات حاضرة بشكلٍ غامض لأجل الكتابة وتسجيل النبوءات. ولكن رغم أنه تنبأ لصبي أبيض مليء بالشامات في حاشية فرنسية ملكية  بأن يصبح ملكاً، إلا أن نبوءته بنهاية العالم كذبت وإن صدق في غالب ماتحدث به .
تقويم المايا أخفق، فأشرقت الشمس وأستيقظ الناس .. وقرأت في ذلك اليوم سورة الكهف، ثم أرتديتُ قميصاً مطبوعاً بصورة بومة حمراء لأبدو هزلية حقاً وأنا أفكرُ أن اليوم نهاية العالم، ماذا لو أن شعب المايا صدقوا واليوم ينتهي العالم، تحمل نهاية العالم لدي صورة تستند على خلفيتي الدينية كمسلمة بأهوال يوم القيامة المذكورة في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة، أبتسمُ بهزلية أكثر وأكادُ أقهقه .. فشعب المايا حددوا وقتاً معلوماً ليعيش فيه الإنسان برعبٍ أكثر ليبحث لذاته عن الوسيلة المثلى للفناء في ملجأ مضاد للقنابل النووية كما في روسيا او باللجوء لجبلٍ مقدس يتمتع بقوى سحرية في صربيا، او بصناعة سفينة عظيمة كما فعلها هولندي احمق للنجاة من طوفان النهاية العظيم!
هل هذا عقلياً ومنطقياً مفهوم؟ أن تعلم بوقت النهاية لتختبيء وتهرب كفأرٍ مذعور أم أن وقوعها على الإنسان بغتة هي الأقرب لتفسير الجهل بوقت وقوعها؟
 حتى يلقى الإنسان نهايته كما كان المفترض أن يلقاها به دون تصنع دون هروبٌ متزلف ودون شراء أكياس الملح كما فعل بعض الروس، التي وكأنها ستمنحنا أياماً جديدة فيما لو انتهت الحياة .
قال الله تعالى : " يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون "  الأعراف 187
 ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : "بعثتُ أنا والساعة كهاتان وأشار بالسبابة والوسطى " .... وثلاثٌ في علم الغيب لايقدر عقلُ الإنسان ولا معادلاته الرياضية على معرفتها : وقت نزول المطر، ومافي أرحام النساء وعلم الساعة .
حسناً لأتخذ ذلك اليوم كآخر الأيام كمسرحية هزلية، وفيما لو علمنا بوقت الساعة حقاً ماذا ساأفعل ؟
أريدُ أن أعرف كم كتاباً قرأت ؟ نعم ذلك هو الفعل والأمنية التي وثبت إلي و حاولت أن أحصي عدد لكتب في حياتي؟ كم كتاباً قرأت؟! إكتشفتُ أن كتب البدايات ضاعت أو تمزقت، أو أنها كان في الأصل مستعارة مثل كتاب حياة في الإدارة للقصيبي ، الذي قرأته في الثانية عشرة مستعاراً من مكتبة خالي، والكم الهائل من الروايات العاطفية وألغاز المغامرين الخمسة المستعارة من مكتبة خالتي، هناك كتابٌ بعيد بعيد جداً قرأته ربما وأنا في التاسعة .. كنت أذهب عصر كل يوم لمنزل عمي الملاصق لبيتنا، عمي لم يرزق سوى بولدين أصغرهما أكبر مني بأثنتى عشرة عاماً، تسللت لغرفة وليد في الغرفة العلوية في عصر صيفٍ لزج وخاوي .. إقتحمت مكتبه وجذبتُ مجلداً أسودا ً كبيراً .. وغطستُ في بحر صفحاته، كان كتاباً ضخماً عن الأنبياء من آدم إلى محمد عليه الصلاة والسلام.. لكن مالم أنسه من قراءتي تلك قصة نبي الله زكريا عليه السلام حين اختبأ في جوف شجرة، وأتت فئة من اليهود تبحث عنه لتقتله فوشى لهم الشيطان فيصورة بشري بمكانه في الشجرة فقامو بقع الشجرة لحلقات ضخمة محشوة بلحم نبي الله زكريا !
كنتُ مرعوبة وأرعبني اكثر صوتُ وليد وهو يسأل ضاحكاً " ماذا تقرأين ؟ " هربتُ نازلة عبر الدرج ولهاثي يرتفع من الركض والخوف وتلك الحكاية لا تبارحني أبداً .
يبدو ذلك شبه مستحيل ! أن أحصي الكتب التي قرأتها في حياتي كعد الكلمات التي أعرف منذ نطقت وأنا أبلغ عشرة شهور!
 لكن إحصاء كتب هذا العام مهمة ممكنة إلى حدٍ ما بمعاونة الجود ريدز ومكتبتي المصفوفة أمام ناظري، صحيح أني انتظمت في هذا الموقع الجميل وتحديت نفسي بقراءة 35 كتابا في العام، عدا أن غفلة صغيرة عن وضع إشارة على الكتب بعد الفراغ منها جعلت الموقع لا يحسب جميع الكتب فأضطررت لحسابها وعصر الذاكرة بالوقوف أم الرفوف حتى خرجت بهذه القائمة، والتي يبدو أني تجاوزت بها الهدف من35 كتابا ألى 38 كتاباً في العام بواقع كتاب كل عشرة أيام تقريباً!

2012:

  1. المجلد الأول  للبردوني
  2. حصيلة الأيام، إيزابيل اللندي
  3. أيام مع جهيمان، الحزيمي
  4. يوميات كافكا
  5. كافكا على الشاطئ، موراكامي
  6. 1984، جورج أوريل
  7. يوم الأثنين أو الثلاثاء، فرجينيا وولف
  8. كيف كتبت الرسالة الأولى، مجموعة كتاب
  9. هكذا تكلمت المرأة، مقابلات مع كاتبات عالميات
  10. الموت يمر من هنا، عبده خال
  11. الإسماعيلي، عبد الواحد الأنصاري
  12. إحتضاري، محمد الراشدي
  13. وادي إبراهيم، صلاح القرشي
  14. إيناشتاين أبو النظرية النسبية، صبري الدمرداش
  15. فيزياء العقل البشري والعالم من منظورين، ستيفن هوكنج
  16. العمى، ساراماغو
  17. حجرتان وصالة، إبراهيم أصلان
  18. القصص الفائزة بجائزة أو . هنري 2007، مجموعة كتاب
  19. القصص القصيرة الكاملة، ماركيز
  20. البئر الأولى، جبرا ابراهيم جبرا
  21. شارع الأميرات، جبرا ابراهيم جبرا
  22. البحث عن وليد مسعود، جبرا ابراهيم جبرا
  23. يوميات حسن مطلك
  24. المرايا والمتاهات، بورخيس
  25. ابنة الضابط، بوشكين
  26. الحياة الجديدة، أورهان باموق
  27. قواعد العشق الأربعون، إليف شافاق
  28. اللذين اتقوا الريح، مجموعة كتاب
  29.  عسس، سعيد الأحمد
  30. المغزول، عبد العزيز مشري
  31. فن القصة، محمد يوسف نجم
  32. الجنرال المجهول، دينو بوتزاني
  33. اليهود في الخليج، يوسف المطيري
  34. الهدنة، ماريو بينيديتي
  35. المجلد الأول لأعمال كافكا
  36. حين تترنح ذاكرة أمي، الطاهر بن جلون
  37. الحارس في حقل الشوفان، سالينجر
  38. مقام الحجاز، محمد صادق دياب

***
هذه السنة الراحلة هي سنة الكتب بلا منازع.. إهداءات، جولات مكوكية في المكتبات والمعارض _ الصور أعلاه هي لهاته الكتب التي أنضمت مؤخراً لعائلتي، هناك كتب معرض الرياض للكتاب _ أحببت هذه السنة كثيراً، أحببت ماقرأت ونوعية الكتب، هذه السنة جادت علي بمعرفة أشخاص نادرين، أحسُ أني كتبتُ كثيراً .. دونتُ خططاً مضيت فيها وأرجو إكمال المسير فيها ... فهل ستكون 2013 بمثل كرم السنة الراحلة ؟ أتعشم ذلك..
في 2013 سأقرأ إن شاء الله الأخوة كارامازورف، والمحاكمة لفرانز كافكا ... أفرك كفي وأشحذ رموش عيني، مالذي سيخبئه لي المهندس الروسي والمحامي الألماني ؟

****
آخر يوم في العام الذي انتهت فيه تقاويم حضارة المايا :
أنهي الهدنة ، أحاول كتابة ملخص عن قراءتي لكتاب اليهود في الخليج . 

تعليقات

  1. أهمية حلول VPN وربط الفروع بشبكة موحدة لقطاعات الأعمال
    لمزيد من التفاصيل يمكنك تصفح مدونة مدن التقنية | https://modn.com/ar/bring-all-your-branches-together-with-a-top-notch-vpn-service?utm_source=falsfaglam&utm_medium=organic&utm_id=N-107

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

( سرير الأشباح ) ... قصة قصيرة

أحسّ بموجة هواءٍ حارة ، عرف أن النافذة جواره فُتَحت لثانية ثم غُلَقت ، حاول أن يرفع رمشيه الباردين ، حاول أن يقاوم ثِقَل المرض الماكث في خلايا جفنيه ... ، حاول ولم يفلح ، تمنى أن يرى الدنيا من نافذة السيارة المُسجّى على مرتبتها .. كان رأسه يقع تحت كوتها مباشرة ، مرة ثانية أحس بشيئٍ حار يلسع وجهه دون أن يشم الهواء ، عَرَفّ أن الشمس نجحت في مقاومة غيمة وتبديد ظلمتها الرمادية . أعياه الإحساس المشلول بالأجساد والأشياء حوله ، تمنى لو يُقَطِعُ جسده ، يفتته إلى قِطّع صغيرة ، ثم يبعثر ذاته في الفضاء عبر النافذة حتى لا يبقى منه سوى دُفقة نور ... روحه المُنهكة ! حينها قد تفضحه رائحة المرض والسرطان الذي سكن هيكله المسكين بضع سنين ، ودمّر حياته ، حتى أنه ذاق الموت أو كاد مراتٍ عديدة... أصطدمت رأسه بالمرتبة الأمامية بفعل القصور الذاتي _ حين توقفت المركبة _ ... ماذا قُلت ؟؟ قصور ذاتي ؟؟ لازالت العلوم الطبيعية تحفر عقلي ، وتُذَكرني بأني كنت مُدرساً محبوباً لمادة العلوم ..احترق جفنّاي، لابد أن الدموع تثابر لمقاومة الصمغ المتلبد بين الرموش .. أحسست بيديّ إبني سعيد وهو يتحسس قدميّ ليطمئن عل...

نجار في رأسي (47)

أقرأ النباتية(١) الآن. كُنت قد قطعت شوطاً طويلاً حتى وصلت إليها مُعتبرة قراءتي لها الآن احتفاء بمثابرتي كما يجب: ١٥ كتاباً خلال ٥ شهور بواقع ٣ كتب شهرياً. *** تنتمي هذه الرواية لأدب الكارثة، وهي ثاني رواية  كارثية أقرأها خلال الفترة السابقة بعد رواية خرائط يونس للروائي المصري محمود حسني. في كل مرة أحاول التدوين تفترسني رغبة الحديث عن الخمسة عشر كتاباً! فأتبلبل وأضيع، تجاوزت معضلتي هذه بصعوبة في رمضان، ورغم التدوينة الرمضانية المحشورة محاولة مني لنفض غبار رأسي واستئناف الكتابة إلا أنها أتت كمن يطهو للمرة الأولى  ديك رومي ليلة الميلاد! لم أطهو ديكاً رومياً ولا مرة، إلا أن مشاهد ليلة رأس السنة  في الأفلام والمسلسلات جعلتني أقيس التجربة بخيالي وأقيم صعوبتها العظيمة، والتي لا يمكن مقارنتها بأي طبقٍ محلي أو عالمي أعرفه، ومارأيت من لذة في تلك الليلة من تناول لحمٍ طري كالزبد قد جعلتني ألمس صعوبته وتطلب إحساس الطاهي الرقيق في صنع الطبق... ليلة عيد وطبق مستحيل وثلج! معضلة متشابكة تشبه المشاريع الكتابية التي أؤجلها كل مرة، تدوينات ومقالات أحلم بتدوينها. أنا نجار فقد مهارة قطع...

أَكتُبْ كما لو كُنتْ في التاسع والعشرين من مايو (34)

هذه التدوينة عبارة عن مسودة ، كنت أشطب وأكتب وأضيف فيها طوال شهر مايو، ولمّ تُنشر إلا الآن ... العجيب ما حدث في مايو ! حيث تضاءلت كتاباتي وتدويناتي اليومية الخاصة فيما تصاعدت وتيرة قراءاتي، لتكن العلاقة بين القراءة والكتابة عكسية، لكن الأهم أن يبيقيان ضمن إطار علاقةٍ ما ...هذه التدوينة عبارة عن ماحدث مع القراءات في شهر مايو.. في هذا الشهر واللذي يصادف شهر رمضان ستكون قراءتي مرتكزة على كتابين : أسطنبول: الذكريات والمدينة لباموق، ومن شرفة إبن رشد للكاتب المغربي عبد الفتاح كيليطيو . *** خمسة أصوات ـ غائب طعمة فرمان قرأت هذاه الرواية بتدفق وإنهماك ثم توقفت قرابة الشهر .. لماذا ؟ لقد ضاع الكتاب في سيارة أحد إخوتي، لأجده بشكلٍ غرائبي داخل درج خزانتي .. صحيح أن رعدة سريعة مرت بي وأنا أتأكد من أن الكتاب هو ذاته كتابي ... لكنني إبتهجتُ جداً حين تأكدت من أنه هو : كتابي البنفسجي الضائع . قراءةٌ أولى لغائب، لقد أهداني أحد الأصدقاء هذه الرواية، طوال القراءة كان يمر بي طيف نجيب محفوظ، إنه يشبه سرد محفوظ إلى حدٍ ماـ خاصة في رواية ميرامار ـ حيث تتعدد أصوات الرواة كما فعل غائب متنقلاً بين خمسة ...