التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بُرج الكتب !






















لمّ أنوي الكتابة هذهِ الليلة، كُنت متأهبة كقطة لعوب لمشاهدة فيلم الفنان الحائز على الأوسكار هذه السنة .. ولكنّ أحياناً نمشي في الدروب الكثيرة الملتوية كأفعوان .. حتى تأتينا خبطة على جماجمنا فتعود لعاداتك الأولى .

أجزمُ أنّ التخمة تفعلُ ما يفعله شبحُ الجوع، تجعلك للحظة تكره الطعام وتتخيله مادةً محايدة لا طعم ولا لون ولارائحة لها.. مادة بيضاء، هذا ما حدث معي حينً تجولتُ في أروقةٍ تحوي آلاف الكُتب .. فصِمتُ عن الكتابة والحكي، وطفقتُ أقلبُ الكُتب في وله وعدم تصديق .
كُنتُ قد ذهبتُ مرتين إلى معرضِ هذا العام .. حسناً أعلمُ أنّ هذه التدوينة متأخرة، بلّ ومُفرطة التأخير ..حتى أنّي للحظة قررتُ عدم كتابة شيء عما فعلته وما اشتريته وما طبعه عقلي وقلبي عن حفل الكتاب البهيجِ هذا، لكنّ أيضاً تغيرت القناعات والخطط في لحظةٍ .. جاءت وراحت قبل قليل .
حصليتي الكبيرة في كتاب محمد سلماوي " في حضرة نجيب محفوظ " الصادر حديثاً .. حوى آخر اللقاءات بالنوبلي محفوظ وأندرها، التي قام بها رفيقهُ المقرب سلماوي، سلماوي مقربٌ جداً كما اكتشفتُ من تصفح الكتاب ...فهو المندوب الذي حضر عنّ نجيب في حفل تسلم جائزة نوبل.. لإن الأستاذ يعاني من رهاب ركوب الطائرات ! وهو منّ ألقى الكلمة التي كتبها محفوظ في الحفل بالعربية نيابةً عنه .. أجزمُ أنّ سلماوي سيحتلُ جزءاً من خططي القرائية فيما بعد...عند فراغي من هذا الكتاب .
المعرضُ كان فسيحاً ويقذفُ في القلبِ إحساساً بالفراغ، سوريا لمّ تشارك .. افتقدتُ المدى، والحوار، وورد .. المعرض كان هادئاً عكس المعتاد والمُتوقع _ رغم إزدحامه _ .. فالناسُ يممت وجوهها شطر الرفوف، مما أسعدني .
كانَ مروري لدار أزمنة الأردنية نهاية رحلتي الأولى قبل العصرِ بقليل .. افتتحت حديثي مع البائع بسؤالٍ عجل خوفاً من مداهمة الوقت عنّ مُختارات من يوميات " أناييس نن " المُترجمة من قبل العراقية : لطيفة الدليمي، أجابني بنفاذ النسخ، لمّ أصدقه لازلنا في اليوم الرابع من إفتتاح المعرض وأناييس مغمورة الذكر لدى القارئ العربي إلى حدٍ ما .. أعيدُ السؤال مع رجاء بأن يتأكد لربما سقطت نسخةٌ ما هُنا أو هناك ينفي بتأكيد، لا يمهلني البائع كي أستسلم وأقنط، يُشير إلى كتابٍ حوى حواراً معها وآخريات بعنوان : " هكذا تكلمت المرأة " ألتقطه وأعاجله بسؤال عنّ كتابٍ آخر من قائمتي  لساباتو " الكاتب وكوابيسه .. أجده، أطمعُ بنسخةٍ أخرى، يُحضرُ لي النسخةً ما قبل الأخيرة .. يستدرجني البائع إلى العديد من كتبه الصغيرة، فألتقط كتاباً .. كتابين، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة، سبعة، ثمانية .. يُباغتني الصغيرُ الذي أتى معي بقفزة في أرجاء الدار فأتوقف عنّ إلتقاط المزيد من الكتب، يسألني الصغير : هلّ هذه كُتبك ؟
قبل أنّ أُجيب يضحكُ البائع وهو يفركُ شعره، ويدعو بلهجة أردنية قوية : إن شاء الله تصير أديب !
أخرج بأكياس الكُتب وقصص ألف ليلة وليلة، والعديد من المجلدات الصغيرة الملونة من ركن الطفل .. أعودُ ثانية لوحدي أبحثُ عن مانقصني ولمّ يمهلني الوقتُ لإلتقاطه مرة أخرى .. منظر الكتب الهائلة يصيبني بالبله فأتخبط وأشتري دونّ أن أدري، حتى تنفذ نقودي !
... أنا ضعيفة جداً أمام أبراج الكُتب .
* ملحوظة : الخبطة التي خبطت رأسي وجعلتني أدون اليوم هي هذه التدوينة :) :

تعليقات

  1. توفر شركة مدن الاتصالات العديد من الحلول التقنية لحماية تهديدات أمان الشبكة
    https://modn.com/ar/build-a-secure-and-reliable-network-for-your-business-why-and-how?utm_source=falsfaglam&utm_medium=organic&utm_id=N-101

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بحر وكتاب وقمر

" لتبدأ الحياة كل يوم كما لوأنها بدأت للتو " غوته ( 1 ) الإجازة فرصة لتغوص أكثر في ذاتك ، تجربة جديدة لأرضٍ جديدة تزورها.. تكتشفها ، تبحث عن تاريخها المدون على سمائها وفي أوراق حشائشها . الإجازة تعني لي لذةً جميلة تتناسل كل عام للتوحد مع كتاب وإتمامه في أيامٍ معدودات على ضوء قمر وشاطيء ورائحة ملح ، أو تحت ظل شجرة وهدوء ظهيرة باردة ، الإجازة محاولة للتحرر من الضغوط و الإلتزامات السخيفة المكبلة لي .. الإجازة حرية مؤقتة تُهديها نفسك ، وعلاقة تجددها مع الروح لتكون روحك هي صديقة روحك .. الإجازة أنت وأنا ولا شيء آخر . ( 2 ) البدايات صعبة و القراءة كأي بداية متعثرة متخبطة غير ثابتة كخطى الطفل الرضيع ، بداياتي كبداياتكم جميعاً قصص المغامرات والألغاز، شُغفت بها اقتنيت كل ما قدرت عليه .. المغامرون الخمسة ، رجل المستحيل ، ملف المستقبل ،( حتى الروايات العاطفية جاء عليها الدور بس ما طولت فيها ).. انغمست في أدب آجاثا حتى النخاع ، غمرني محفوظ ابو روايتنا بحنانه وقوته الروائية ، بدأت أتنوع ... أحرص على أن استفيد من الكُتب ومن القراءة .. قبل أن اقتني أي كتاب ابحث عنه وأصنفه وأق

هل ننجو من لعنة الفراعنة؟ إليكم ماحدث ..

مقولة مثل كل المقولات ! رماها أحدهم في الفضاء وتلقفتها الأفوه؛ لاكتها، عجنتها، تندرت بها، توجست منها، ثمّ: صدقتها . تلك هي حكاية لعنة الفراعنة باختصار ! منذ أن افتتح كارتر مقبرة توت غنع آمون وهناك من يؤمن بتلك اللعنة، وهناك من يضحك على من يؤمن بها … لعل ضحكه يدفع شراً ما، لكن الجميع يتفق على أنها ظاهرة غريبة ليس لها تفسير، أو قد تحمل تفسيراً أُوري في الخفاء كما يحدث مع ظاهرة موت لاعبي كرة القدم بالسكتات القلبية هذه الأيام :) ! لم يمت أحدٌ ممن اكتشفوا مقبرة (واح ـ تي) في نوفمبر  2018 ، وهو مسؤول كبير _ كاهن للسلالة الخامسة من أسرة الفراعنة _ ، حوت المقبرة عدة موميات لوالدة هذا الكاهن وأولاده وزوجته، إضافة لموميات لبوة وشبل أسد، حوت المقبرة قصة حياة " واح تي " وتاريخاً آخر لصراعٍ عاشه مع مواطن فرعوني آخر أراد أن يطمس حضوره بعد الموت واستولى على المقبرة عله يحظى بجنة (واح - تي) بعد الموت ! خلال ساعتان مركزة من السرد المرئي لاكتشاف غرفة  

ورطة القارئ في الأعياد: نصائح لقراءة منعشة خلال أيام الإجازة القصيرة

  تبدو عطل الأعياد بمثابة شهيق طويل نلتقط فيه أنفاسنا، بعد مسيرة الأعمال المحمومة، ودائرة الروتين اليومي، نخلد فيها للوسائد باطمئنان، نلتهم السعادة مع سكاكر الصغار وحلويات العيد. حتى تداهمنا تلك اللحظة الفارغة!  تلك اللحظة التي تقع وسط نهر الزمن اللاهث وتتجمد العقارب فيها فتبحث داخلك وحولك عن ما يمكن أن يملأها: فيلم؟ كتاب؟ أم نزهة مختلفة؟ بالنسبة لي تكون هذه العطل القصيرة  بمثابة احتفال قرائي أختار فيه كتاباً بعشوائية تلائم نمط فوضى هذه الأيام، أسميه كتاب العيد وأغوص فيه بكل حواسي. مررت بعشرات الأعياد، عشت فيها تجارب مختلفة مع كتب عديدة: منها ما كان اختياره في هذا التوقيت موفقاً ورسخ داخلي قراءة لا تنسى، ومنها ما كان اختياره مروعاً! وتحول لزومبي يزورني ليالي العيد الساكنة السوادء وأثناء غيبوبات نعاس العصر الطويل. في هذا المقال سأستعرض معكم بعض هذه التجارب، ولن أنسى إضافة بعض النصائح المركزة للفوز حقاً بقراءة منعشة في هذه الإجازة القصيرة. فرانكشتاين في بغداد: اخترت فرانكشتاين في بغداد دون الاعتبار لتنافر موضوع الرواية الرهيب مع توقيت (العيد).  بدأت بها مساء يوم العيد بعد إرهاق التقبيل ا