التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أَكتُبْ كما لو كُنتْ في التاسع والعشرين من مايو (34)

هذه التدوينة عبارة عن مسودة ، كنت أشطب وأكتب وأضيف فيها طوال شهر مايو، ولمّ تُنشر إلا الآن ... العجيب ما حدث في مايو ! حيث تضاءلت كتاباتي وتدويناتي اليومية الخاصة فيما تصاعدت وتيرة قراءاتي، لتكن العلاقة بين القراءة والكتابة عكسية، لكن الأهم أن يبيقيان ضمن إطار علاقةٍ ما ...هذه التدوينة عبارة عن ماحدث مع القراءات في شهر مايو.. في هذا الشهر واللذي يصادف شهر رمضان ستكون قراءتي مرتكزة على كتابين : أسطنبول: الذكريات والمدينة لباموق، ومن شرفة إبن رشد للكاتب المغربي عبد الفتاح كيليطيو .

***

خمسة أصوات ـ غائب طعمة فرمان

قرأت هذاه الرواية بتدفق وإنهماك ثم توقفت قرابة الشهر .. لماذا ؟ لقد ضاع الكتاب في سيارة أحد إخوتي، لأجده بشكلٍ غرائبي داخل درج خزانتي .. صحيح أن رعدة سريعة مرت بي وأنا أتأكد من أن الكتاب هو ذاته كتابي ... لكنني إبتهجتُ جداً حين تأكدت من أنه هو : كتابي البنفسجي الضائع .
قراءةٌ أولى لغائب، لقد أهداني أحد الأصدقاء هذه الرواية، طوال القراءة كان يمر بي طيف نجيب محفوظ، إنه يشبه سرد محفوظ إلى حدٍ ماـ خاصة في رواية ميرامار ـ حيث تتعدد أصوات الرواة كما فعل غائب متنقلاً بين خمسة أصدقاء عراقيين ... الفرق أن كل واحدٍ منهم لم يرو بشكلٍ مباشر بل أتى الصوت المروي داخل عقولهم مستخدماً تقنية تيار الوعي في رواية القصة ... روايةٌ رائعة، وحزينة بالطبع كعادة كتابات العراق .


***
المجموعات القصصية الكاملة ـ لحسن بلاسم

أيضاً كاتبٌ عراقي، أحاول التذكر لماذا قرأتُ له؟ ما الذي دلني عليه ؟ ..... آه تذكرت مقالاً في موقع إنكتاب عنه، في الحقيقة هذا الموقع ملهم، ومكتوب بصدق القاريء الحقيقي وحساسيته، إنتقاءت منوعة للكتب، والمواد الفنية، كذلك صعقني بالتعرف للكاتب المصري "وجيه غالي " صاحب رواية بيرة في مقهى البلياردو .. سأقرأها بلا شك ولابد لكم من زيارة إنكتاب ونبش الكنوز الموجودة به .
لنعد لبلاسم، يقول بلاسم عن نفسه أنه مجرد مخرج أكتشف الكتابة صدفة، ووجدها كاميرا من نوعٍ خاص، يعيش في فنلندا كمخرج سينمائي لذا كانت الصور السينمائية في قصصه الفظيعة مذهلة .... لن أوصي بهذه المجموعة لهذا الكاتب المجروح كضبع فبدأ في نهش ما حوله، إلاّ إن كُنتَ قارئاً مجنوناً!  ويمكنك بلع القرف والحياة الوسخة الحقيقية بكل إمكانية التماهي مع فكرة أنه لايكتب سوى الحقيقة ... حينها فقط يمكنك أن تتجاوز كل تلك الأشياء السوداء المقرفة التي يكتبها لتصل للب القاص المتمكن لحسن بلاسم .
بقي  أن أذكر لكم عناوين القصص التي علقت في ذاكرتي :

  • شاحنة برلين
  • كوابيس كارلوس فوينتس
  • عادة التعري السيئة
  • شجرة سرسارة

المضحك المبكي أن بلاسم عرض قصصه في بداياته على دور النشر العربية وقوبل بالرفض التام ، فنشرها إلكترونياً وتُرجمت دونما تخطيط وحازت على جائزة الأندبنت للأدب المترجم، وهي جائزةٌ ذات صيت أدبي حيث حاز عليها ساراماغو وكونديرا ... كامل المقال من موقع إنكتاب هُنا

***
قصة النورس والقط الذي علمه الطيران ـ لويس سبولفيدا

لماذا لم يُترجم صالح علماني لهذا الكاتب التشيلي ؟ أفكر في السبب فيما قام القراء العرب بسلخٍ حامي لأمين معلوف الذي ظهر في مقابلة لقناة إسرائلية ... هل لميول وإنتماءات الكاتب أثرٌ على أدبه ؟ برأيي لا طبعاً فحيوات الكتب تبدو لي كذوات منفصلة عن كاتبها، وإن كان إستمداداها الأكبر منه ... لكننا لاينبغى مزج الأدب بميول وإنتماء كاتبه ... رغم ذلك لا أخفيكم أن شعوراً غامضاً بالإمتعاض في السابق نفرني من أدب معلوف، والآن بات نفوري أكثر وإن تشبث بفضولي لمعرفة مالذي كتبه حتي تكون صدمة القراء بهذا الشكل .
إمتنع صالح علماني عن ترجمة كاميلو خوسيه ثيلا لمواقفه المؤيدة للصهيونية، أتساءل عن السبب الذي منعه من ترجمة سبولفيدا ؟
دائماً تخدعني الحكايات الصغيرة للإنسياق خلفها والكتابة عنها، حيث أن موضوعنا الأساسي هو القط الأسود السمين جوناثان والنورسة محظوظة .... روايةٌ خفيفة، ولذيذة، منسابة ولا معقولة بعقلانية وواقعية شديدة حتى أنني أثق من إمكانية حدوث قصة مشابهة في أي مكان في العالم، حيث تتحدث القطط بكياسة، وتقلب في الموسوعات، ويتكئ شمبانزي شرس وخبيث كحارس متحف للحيوانات !
مرحى ! أنا أحب هذا النوع من القصص .. أنصحكم بقراءتها، فهي قصيرة وممتعة وملهمة .

***

 قطع مكافيء للدودة الوحيدة  ـ قراءة أولى لماريو فارغاس يوسا

" رسائل إلى روائي شاب " وأول قراءاتي ليوسا العجوز الوسيم، حتماً ليست الأخيرة .... كاتبٌ من النوع الفخم كما توحي ملامحه الإغريقية المرسومة، الجميلة .... هناك ندمٌ يلف بي لإني لم أدون فوراً بعد القراءة، الكتاب كرسائل مهداة من الكاتب النوبلي لصديقه الشاب، إثنتا عشرة رسالة ينبغي أن يقرأها أي كاتبٍ في العالم يفكر بكتابة رواية ألف مرة ... ليوسا قراءةٌ مفردة وعميقة بعد إعادة القراءة قريباً .. أعدكم بذلك إن شاء الله .

***

مع بورخيس ـ ألبرتو مانغويل

كالعادة يتميز مانغويل بذاكرةٍ هائلة كقاريءٍ عجوز، يكتب عن كل شيء وبدقةٍ متناهية ..... هذا الكتاب عن بورخيس فقط ، ضمن إطار العلاقة التي قامت بين مانغويل وبورخيس كقاريء لهذا الأخير، اللقاء الأول في مكتبة ببيغماليون ـ وهي مكتبة أنغلو ألمانية في بيونس آيرس ـ حيث كان بورخيس يأتي إلى بيغماليون أواخر الظهيرات*

" ذات يوم، بعد إختياره عنوانين من الكتب، سألني إن كان لدي شيء آخر أفعله، وما إذا كنتُ أستطيع أن أحضر وأقرأ على أسماعه في أوقات المساء، حيث أن والدته وقد بلغت التسعين، أصبح التعب ينالُ منها بسهولة ... "
"كُنتُ في السادسة عشرة. قبلتُ، وكنت أزور بورخيس ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع في الشقة الصغيرة التي يتقاسمها مع أمه والخادمة فاني . "
" أجلسُ على الكنبة إلى يمينه ويسأل :
حسناً، ألن نقرأ كيبلينغ الليلة ؟ "  * من الكتاب


في هذا الكتاب العلاقة بينه وبين بيوي كاسياس وزوجته وأختها، أكتشف أن بورخيس كتب مختبئاً خلف اسم إمرأة هو وبيوي العديد من القصص الفكاهية، هنا في الكتاب يكتب مانغويل عن أحلام بورخيس وعلاقته بالأحلام، بل أنه قال أن بعض أعماله القصصية استمدها من أحلامه ... لكنّ إن كانت قراءتك لهذ العمل هي القراءة الأولي لكلٍ من بورخيس ومانغويل فقد تعاني التخبط قليلاً .


***
أكتبُ هذا التدوينة في مطلع السادس عشر من رمضان، وقبلها أنهيتُ ماكتبه أورهان باموق عن نفسه وعن مدينته في كتاب المذكرات المختلف : " أسطنبول بين الذكريات والمدينة " .... تحتشد الأفكار وأنا أقرأ مذكراته عن أسطنبول، الأحاديث والمواقف التي كتبها في طفولته وفيما بعد شاباً يافعاً في أسطنبول يجعل ألف فكرة تسعى إلي للكتابة، تختلط بذكرياتي المنسابة كخيطِ ماء ٍ رفيع، وفي البارحة كان موضوع السلسلة الوثائقية " حكاية طبق " مجتراً لخيط الذكريات ذاك ... كانت الحلقة عن أكلة النواصر التونسية.. وفيما قامت نسوة العائلة في القرية التونسية بإعداد العجينة الذهبية ونشرها لتجف .... كانت صورة جدتي وهي ترق عجينة البر( القمح ) وتنشرها علي الصاج، في الفناء صباحاً تقف أمامي غائمة بيني وبين الشاشة وتختلط بصورةالجدة التونسية وهي تفرك النواصر بعد جفافها  .

حكاية طبق | النواصر - تونس

تعليقات

  1. جميلة ..احببت ماكتب هنا❤

    ردحذف
  2. اتفق معاكِ حول موقع انكتاب فى اغراء فى اختيار المواد مايجعل القارىء متشوق للبحث عن الكتب و الاسماء الادبية التى يعرض لها الموقع ، وربما هذا ماجعلني اكتب معهم على فترات متقطعة خلال الشهور الماضية :) ..أما كتاب باموق فأذكر جيدا ً أنني اكملته خلال اليومين الاولين بشهر رمضان الماضى وكنت انوي ان اكتب حوله بمدونتي لكن الكسل والاندفاع لقراءة كتاب اخري جعلت ملاحظاتي حول الكتاب مركونة...تصوري مجموعة حسن بلاسم حصلت عليها منذ فترة طويلة بعد ان قرأت عنها مراجعة فى احد المواقع الانجليزية ولكن لا اعرف لما لم ابدأ بقراءتها رغم شدة لهفتي للحصول على المجموعة ..ربما بعد رمضان اجد الوقت والمزاج لافعل ...

    ردحذف
    الردود
    1. رد ثري يا إسراء شكراً لكِ، دوماً رمضان يأت بالأوقات والبركات إبدأي بما فاتك فلا زال هناك أيام ... شكراً مرة ثانية، شكراً جزيلاً .

      حذف
  3. جهود متميزة ومشكورة .

    ردحذف
    الردود
    1. شكر الله لك يا ستار .. تحياتي وحياك الله دائماً

      حذف
  4. خَفض تكاليف مكالماتك ودير اتصالاتك بكفاءة مع حلول السنترالات
    حلول السنترالات نظام إداري يساعد الشركات على تسهيل أداء المهام وتنظيم عمليات الاتصال الداخلية بين الموظفين مع بعضهم البعض، حيث يتم إجراء المكالمات من خلال سنترال IP الداخلي بشكل مستقل عن خطوط الاتصالات الخارجية.

    لمزيد من التفاصيل يمكنك زيارة متجر مدن الاتصالات https://modn.com/ar/pbx-solution

    ردحذف
  5. هواتف أي بي فون
    من المنتجات الرائدة العصرية، صممت خصيصا لـ تناسب جميع القطاعات " الشركات الصغيرة والكبيرة، المنازل، المستشفيات، الفنادق، النشاطات التجارية ."
    لمزيد من التفاصيل يمكنك زيارة متجر مدن الاتصالات | https://modn.com/ar/phones/ip-phone

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

( سرير الأشباح ) ... قصة قصيرة

أحسّ بموجة هواءٍ حارة ، عرف أن النافذة جواره فُتَحت لثانية ثم غُلَقت ، حاول أن يرفع رمشيه الباردين ، حاول أن يقاوم ثِقَل المرض الماكث في خلايا جفنيه ... ، حاول ولم يفلح ، تمنى أن يرى الدنيا من نافذة السيارة المُسجّى على مرتبتها .. كان رأسه يقع تحت كوتها مباشرة ، مرة ثانية أحس بشيئٍ حار يلسع وجهه دون أن يشم الهواء ، عَرَفّ أن الشمس نجحت في مقاومة غيمة وتبديد ظلمتها الرمادية . أعياه الإحساس المشلول بالأجساد والأشياء حوله ، تمنى لو يُقَطِعُ جسده ، يفتته إلى قِطّع صغيرة ، ثم يبعثر ذاته في الفضاء عبر النافذة حتى لا يبقى منه سوى دُفقة نور ... روحه المُنهكة ! حينها قد تفضحه رائحة المرض والسرطان الذي سكن هيكله المسكين بضع سنين ، ودمّر حياته ، حتى أنه ذاق الموت أو كاد مراتٍ عديدة... أصطدمت رأسه بالمرتبة الأمامية بفعل القصور الذاتي _ حين توقفت المركبة _ ... ماذا قُلت ؟؟ قصور ذاتي ؟؟ لازالت العلوم الطبيعية تحفر عقلي ، وتُذَكرني بأني كنت مُدرساً محبوباً لمادة العلوم ..احترق جفنّاي، لابد أن الدموع تثابر لمقاومة الصمغ المتلبد بين الرموش .. أحسست بيديّ إبني سعيد وهو يتحسس قدميّ ليطمئن عل...

نجار في رأسي (47)

أقرأ النباتية(١) الآن. كُنت قد قطعت شوطاً طويلاً حتى وصلت إليها مُعتبرة قراءتي لها الآن احتفاء بمثابرتي كما يجب: ١٥ كتاباً خلال ٥ شهور بواقع ٣ كتب شهرياً. *** تنتمي هذه الرواية لأدب الكارثة، وهي ثاني رواية  كارثية أقرأها خلال الفترة السابقة بعد رواية خرائط يونس للروائي المصري محمود حسني. في كل مرة أحاول التدوين تفترسني رغبة الحديث عن الخمسة عشر كتاباً! فأتبلبل وأضيع، تجاوزت معضلتي هذه بصعوبة في رمضان، ورغم التدوينة الرمضانية المحشورة محاولة مني لنفض غبار رأسي واستئناف الكتابة إلا أنها أتت كمن يطهو للمرة الأولى  ديك رومي ليلة الميلاد! لم أطهو ديكاً رومياً ولا مرة، إلا أن مشاهد ليلة رأس السنة  في الأفلام والمسلسلات جعلتني أقيس التجربة بخيالي وأقيم صعوبتها العظيمة، والتي لا يمكن مقارنتها بأي طبقٍ محلي أو عالمي أعرفه، ومارأيت من لذة في تلك الليلة من تناول لحمٍ طري كالزبد قد جعلتني ألمس صعوبته وتطلب إحساس الطاهي الرقيق في صنع الطبق... ليلة عيد وطبق مستحيل وثلج! معضلة متشابكة تشبه المشاريع الكتابية التي أؤجلها كل مرة، تدوينات ومقالات أحلم بتدوينها. أنا نجار فقد مهارة قطع...