التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إنتقام الحمار

برفقة ببغاءه وحماره الوحشي _الذي اشتراه من تاجر حيوانات وضيع _ دخل الحمامات العامة، الخالية من الناس، كانت الساعة الثانية ليلاً ..نظر للمرأة الممطوطة  في مدخل الحمامات : كان يرتدي قميصاً ذا لونٍ أخضر بشع ، ولم تكفه بشاعة هذا اللون بل لُطخ ببقع عشوائية حمراء اللون !
أما سرواله فكان أزرقاً داكناً ...حاول التذكر متى إرتدى هذه الثياب الغريبة،  و لمّ يفلح !
لعن زوجته في سره لابد أنها من فعل ذلك، لقد أصبحت مجنونة مذ عرفت بخيانته مع  ليزا، إنها مجنونة حقاً .. أحس بالرعب  فجأة ،وداهمته رغبة شديدة بالتبول.. لقد قالت له ذات مرة بأنها ستقتله بطريقة لا يتخيلها، مثلاً : ستضع بجانبه في السرير تمساحاً ضخماً .. كانت تقهقه وهي تهدده بذلك ببساطة وإستمتاع كأنها تقول نكتة بذئية. سال البول على فخذيه ولطخ سرواله الأزرق. إحتضن الحمار الوحشي وإستند في الفراغ بين مغسلتين للأيدي وبكى... كان بكاؤه في البداية بلا صوت، ثم اندفع نشيجه كالأطفال.
 نهق الحمار، وطارت الببغاء الإفريقية ذات الألوان الزاهية المتناسقة في فضاء دورة المياة الخالية.
إستيقظ ودموعه اليابسة ترسم خطوطاً طولية من الملح على لحييه الناميين، ، كانت الرؤية لديه ضبابية ولكن أنفه كان ممتلئاً برائحة عفنة كانت سبباً في إستيقاظه بعد نوبة البكاء التي داهمته وهو سكران.
 على ركبتيه شيءٌ لين، لقد تغوط الحمار! سبه ولعنه وتمتم في سره الحمار حمار ..
نهق الحمار الوحشي وكأنما سمعه، كانت الببغاء لاتزال ترفرف وتصطدم بالزوايا بذعر .. لابد وأن رائحة الروث خنقتها ..
دخل الحمام وسكب غلى نفسه ماءاً بارداً، وهو لايزال بسرواله الأزرق وقميصه المبرقش ..
من جديد داهمته زوجته اللعينة وهي تضحك بلؤم وتهدده، زاعقة بأقذع السباب ان طرق عليها باب البيت لينام، صورتها وهي تقذف  ثيابه في الحديقة، حتى سروايله الداخلية لم تنسها .. اللئيمة ، خائنة العشرة،  ألا تفهم أني تبتُ وتركت ليزا عائدا إليها؟
أصبجت المياة دافئة نسبياً، عقله يتفتح وكأنه يتنفس من السُكر.. سأقتلها، نعم سأقتلها قبل أن تفعل بي ذلك، سأداهمها وهي نائمة وأغرس سكين المطبخ في بطنها، ثم أهشم رأسها.
خرج من الحمام، لايزال حمام الشارع فارغاً عدا الببغاء والحمارالوحشي ، تجرد من ثيابه تماماً وبقي بلا شيء كيوم ولدته أمه، ستُباغت إن رأته عارياً هكذا ..لابد ان الشوارع الآن خالية.
خرج وعلى كتفه تربض الببغاء ويمسك مقود الحمار، مستبقاً الريح ....حتى يقتلها.

***

_ أنظر هناك  ياسامي !
_ ماذا هناك ؟
_  هل ترى الببغاء والحمار الوحشي أو أن هذيان وردية الليل قد بدأ ؟
_  دعك من الببغاء والحمار ، أنظر للرجل الذي يقودهما! إنه عارٍ تماماً!
أخرج الشرطيين سلاحهما واندفعا إليه.
في الساعة الثامنة صباحاً يتصدر خبرٌ مضحك الصحف :
( القبض على رجلٍ مخمور عارٍ تماماً يتمشى في الشوارع  فجراً برفقة ببغاء وحمار وحش !)

تعليقات

  1. عزز مستوى حماية الشبكة الخاصة بك باستخدام حلول جدار الحماية
    لمزيد من التفاصيل يمكنك زيارة متجر مدن الاتصالات | https://modn.com/ar/firewall

    ردحذف
  2. تهيئة حلول الاتصالات VoIP في السعودية وأهميتها للشركات

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

( سرير الأشباح ) ... قصة قصيرة

أحسّ بموجة هواءٍ حارة ، عرف أن النافذة جواره فُتَحت لثانية ثم غُلَقت ، حاول أن يرفع رمشيه الباردين ، حاول أن يقاوم ثِقَل المرض الماكث في خلايا جفنيه ... ، حاول ولم يفلح ، تمنى أن يرى الدنيا من نافذة السيارة المُسجّى على مرتبتها .. كان رأسه يقع تحت كوتها مباشرة ، مرة ثانية أحس بشيئٍ حار يلسع وجهه دون أن يشم الهواء ، عَرَفّ أن الشمس نجحت في مقاومة غيمة وتبديد ظلمتها الرمادية . أعياه الإحساس المشلول بالأجساد والأشياء حوله ، تمنى لو يُقَطِعُ جسده ، يفتته إلى قِطّع صغيرة ، ثم يبعثر ذاته في الفضاء عبر النافذة حتى لا يبقى منه سوى دُفقة نور ... روحه المُنهكة ! حينها قد تفضحه رائحة المرض والسرطان الذي سكن هيكله المسكين بضع سنين ، ودمّر حياته ، حتى أنه ذاق الموت أو كاد مراتٍ عديدة... أصطدمت رأسه بالمرتبة الأمامية بفعل القصور الذاتي _ حين توقفت المركبة _ ... ماذا قُلت ؟؟ قصور ذاتي ؟؟ لازالت العلوم الطبيعية تحفر عقلي ، وتُذَكرني بأني كنت مُدرساً محبوباً لمادة العلوم ..احترق جفنّاي، لابد أن الدموع تثابر لمقاومة الصمغ المتلبد بين الرموش .. أحسست بيديّ إبني سعيد وهو يتحسس قدميّ ليطمئن عل...

نجار في رأسي (47)

أقرأ النباتية(١) الآن. كُنت قد قطعت شوطاً طويلاً حتى وصلت إليها مُعتبرة قراءتي لها الآن احتفاء بمثابرتي كما يجب: ١٥ كتاباً خلال ٥ شهور بواقع ٣ كتب شهرياً. *** تنتمي هذه الرواية لأدب الكارثة، وهي ثاني رواية  كارثية أقرأها خلال الفترة السابقة بعد رواية خرائط يونس للروائي المصري محمود حسني. في كل مرة أحاول التدوين تفترسني رغبة الحديث عن الخمسة عشر كتاباً! فأتبلبل وأضيع، تجاوزت معضلتي هذه بصعوبة في رمضان، ورغم التدوينة الرمضانية المحشورة محاولة مني لنفض غبار رأسي واستئناف الكتابة إلا أنها أتت كمن يطهو للمرة الأولى  ديك رومي ليلة الميلاد! لم أطهو ديكاً رومياً ولا مرة، إلا أن مشاهد ليلة رأس السنة  في الأفلام والمسلسلات جعلتني أقيس التجربة بخيالي وأقيم صعوبتها العظيمة، والتي لا يمكن مقارنتها بأي طبقٍ محلي أو عالمي أعرفه، ومارأيت من لذة في تلك الليلة من تناول لحمٍ طري كالزبد قد جعلتني ألمس صعوبته وتطلب إحساس الطاهي الرقيق في صنع الطبق... ليلة عيد وطبق مستحيل وثلج! معضلة متشابكة تشبه المشاريع الكتابية التي أؤجلها كل مرة، تدوينات ومقالات أحلم بتدوينها. أنا نجار فقد مهارة قطع...

أَكتُبْ كما لو كُنتْ في التاسع والعشرين من مايو (34)

هذه التدوينة عبارة عن مسودة ، كنت أشطب وأكتب وأضيف فيها طوال شهر مايو، ولمّ تُنشر إلا الآن ... العجيب ما حدث في مايو ! حيث تضاءلت كتاباتي وتدويناتي اليومية الخاصة فيما تصاعدت وتيرة قراءاتي، لتكن العلاقة بين القراءة والكتابة عكسية، لكن الأهم أن يبيقيان ضمن إطار علاقةٍ ما ...هذه التدوينة عبارة عن ماحدث مع القراءات في شهر مايو.. في هذا الشهر واللذي يصادف شهر رمضان ستكون قراءتي مرتكزة على كتابين : أسطنبول: الذكريات والمدينة لباموق، ومن شرفة إبن رشد للكاتب المغربي عبد الفتاح كيليطيو . *** خمسة أصوات ـ غائب طعمة فرمان قرأت هذاه الرواية بتدفق وإنهماك ثم توقفت قرابة الشهر .. لماذا ؟ لقد ضاع الكتاب في سيارة أحد إخوتي، لأجده بشكلٍ غرائبي داخل درج خزانتي .. صحيح أن رعدة سريعة مرت بي وأنا أتأكد من أن الكتاب هو ذاته كتابي ... لكنني إبتهجتُ جداً حين تأكدت من أنه هو : كتابي البنفسجي الضائع . قراءةٌ أولى لغائب، لقد أهداني أحد الأصدقاء هذه الرواية، طوال القراءة كان يمر بي طيف نجيب محفوظ، إنه يشبه سرد محفوظ إلى حدٍ ماـ خاصة في رواية ميرامار ـ حيث تتعدد أصوات الرواة كما فعل غائب متنقلاً بين خمسة ...