التخطي إلى المحتوى الرئيسي

النزيفُ هو الحل

كتبتُ في البداية وأسترسلت لأكتشف بعد سطرٍ ونصف أن لغة الكتابة الإنجليزية ! أصابني هذه الليلة صداعٌ عنيف.. صداعي مختلف فهو يمتد من مُلتقى الحاجبين وحتى جدار أنفي الأيمن لينبض الألم هنا في عظم الأنف وكأن جمجتي قد أصبحت في أنفي .. ينبض مع كُل نفس ومع كل إلتفاته، هذا الصداع اليوم غريب . إني أخشاه .. كأن أنفي سينطلق نازفاً، لإن هذا النوع من الألم لايبرأ إلا بعدما يرعف أنفي ... كا ن ذلك في أوقات دراستي الجامعية للفيزياء حيث كان ضغط المعامل والقياسات يتمركز صداعاً أنفياً ليرتفع ضغط الدم لدي .. وتنتهي النوبة بالرعاف .

***


من كُتب دار المتوسط التي إقتنيتها مؤخراً

إستدللتُ اليوم على مترجمة عراقية اسمها ميادة خليل، ميادة تنتقي بعناية مادتها للترجمة، ترجماتها دائماً مايشادُ بها ،،، وهي في الأربعين من العمر كتبت روايةٍ صغيرة بأقل من مئتي صفحة... لم أقرأ الروايةَ بعد، لكن أصدؤاها مشجعة جداً بدءاً من الدار الناشرة، فقد كانت دار المتوسط الناشر لها ... ويمكنني أن القول بثقة  إنني قد عشقتُ كُتب هاته الدار الإيطالية بِنَفسٍ عربي، ورقها حميمي وأصفر رائحته ،أصيلة ونافذة، أغلفة الكُتب بها لمسة فنية دون مبالغة.. لو حلمت بنشر كتابٍ ما فسأنشر لدى هذه الدار ... إنه حلمٌ بعيد لكن الأحلام أحلام ! فلا ضير من ممارستها .

لميادة  مدونة تنشر بها مقالاتها المُترجمة غالباً، قرأت مقالاً لريناتا دورستين تحدثت فيه عن مايسمى بحبسة الكاتب، وهو عدم قدرة الكاتب علي الكتابة ... لستُ كاتبة لكني أعاني شيئاً يشبه ذلك، إعتدتُ كتابة يومياتي وقراءاتي بشكلٍ بسيط ربما، لكنه دائم ومستمر ... هذه الأيام تبدو الكتابة متعسرة ومقتضبة وبلا نكهة، لا أريد أن أصل لهذه المرحلة مع الشيء الذي لم أتوقف عنه أبداً منذ قالت لي معلمة اللغة العربية " أكتبي لا تتوقفي ... أنتِ كاتبة بالفطرة " لا أريدُ أن أتوقف ولا أريد أن أتابع بشكلق مضطر أو رتيب، فكتابتي ليست عملاً  وظيفياً ... إنها شغفٌ إخترتُ قبل فترة قصيرة نسبياً أن لا أتوقف من ممارسته وأن أكون أكثر جدية حيال ما أكتب ... هل هذا الإجراء أو هذا القرار هو السبب ؟
ريناتا عانت هذه الحالة حين قررت إن تُميت بطل روايتها المنتحر وهو خلاف ما أعتادت كتابته في رواياتها السابقة ... حيث يتم تدارك المنتحر ومنعه من الإنتحار ... في هذه المرة مات البطل المنتحر من أول صفحة ... عانت ريناتا من ذكرى سيئة لأختها الصغري المنتحرة واعتبرت نفسها مسئولة عماحدث لها بعد ذلك... هل كانت الحبسة تعبيراً لعدم تجاوزها كما قالت ؟ يجب عليكم قراءة ما كتبته أكثر من مرة إن إتجه إهتمامكم بشكلٍ خاص لهذه الحالة : حالة حبسة الكاتب .
المقال: هُنا

***
تكتب ميادة خليل كأم وربة منزل، مارست الترجمة في البداية واعتمدتها وحين قررت بجدية أن تكتب عملها الخاص بدأت ولم تتوقف... في لقاءٍ صغير* من حيث الكم، ملهمٌ جداً لي من ناحية الكيف فأنا أشبهها قليلاً ... أم ، وأحاول الكتابة وأمارس عملي كربة منزل بشكلٍ أطمح أن يغدو مخلصاً وصادقاً، وأن أصل للحل الأخير في معادلة الشيئين وجعل الكتابة ـ إضافةً للقراءة ـ  هي وقتي اليومي الخاص والحتمي ... إن محاولتي الجدية تلك هي ما أعاقني عن سلاسة الكتابة ... قد يكونُ نوعاٍ من الوهم كما يخيل للفاحصات إحترازياً كإجراء روتيني بالماموجرام عن سرطان الثدي ، حيث يشعرن بعد الفحص بكتل أو آلام غريبة بعد الفحص ... بعد قراءتي لمقال لريناتا قلتُ أن هذا يشبه ما أعاني منه مذ أيام ، ثم قلتُ لنفسي : بل لعل هذا حقيقي وحبسة الكاتب أصابتني فعلاً !
أياً كان السبب إن العلاج كما قالت إيزابيل اللندي هو القفز .. نعم القفز فوق ماتريدُ الكتابة عنه والكتابة بإستمرار، كتابة أي شيء وإن كان سيئاً ككتابتي لهذ التدوينة اليوم ....  إنه نوعٌ من النزيف العقلي والكتابي لتخفيف الضغط والتنفس فيما بعد بحرية ... كما كان رعاف أنفي هو شفائي من الصداع اليوم .

ـــــــــــــ

* الحوارُ كاملاً :http://www.alriyadh.com/1147297

تعليقات

  1. توفر شركة مدن الاتصالات العديد من الحلول التقنية لحماية تهديدات أمان الشبكة
    https://modn.com/en/network-solutions?utm_source=falsfaglam&utm_medium=organic&utm_id=N-101

    ردحذف
  2. تهيئة حلول الاتصالات VoIP في السعودية وأهميتها للشركات

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

( سرير الأشباح ) ... قصة قصيرة

أحسّ بموجة هواءٍ حارة ، عرف أن النافذة جواره فُتَحت لثانية ثم غُلَقت ، حاول أن يرفع رمشيه الباردين ، حاول أن يقاوم ثِقَل المرض الماكث في خلايا جفنيه ... ، حاول ولم يفلح ، تمنى أن يرى الدنيا من نافذة السيارة المُسجّى على مرتبتها .. كان رأسه يقع تحت كوتها مباشرة ، مرة ثانية أحس بشيئٍ حار يلسع وجهه دون أن يشم الهواء ، عَرَفّ أن الشمس نجحت في مقاومة غيمة وتبديد ظلمتها الرمادية . أعياه الإحساس المشلول بالأجساد والأشياء حوله ، تمنى لو يُقَطِعُ جسده ، يفتته إلى قِطّع صغيرة ، ثم يبعثر ذاته في الفضاء عبر النافذة حتى لا يبقى منه سوى دُفقة نور ... روحه المُنهكة ! حينها قد تفضحه رائحة المرض والسرطان الذي سكن هيكله المسكين بضع سنين ، ودمّر حياته ، حتى أنه ذاق الموت أو كاد مراتٍ عديدة... أصطدمت رأسه بالمرتبة الأمامية بفعل القصور الذاتي _ حين توقفت المركبة _ ... ماذا قُلت ؟؟ قصور ذاتي ؟؟ لازالت العلوم الطبيعية تحفر عقلي ، وتُذَكرني بأني كنت مُدرساً محبوباً لمادة العلوم ..احترق جفنّاي، لابد أن الدموع تثابر لمقاومة الصمغ المتلبد بين الرموش .. أحسست بيديّ إبني سعيد وهو يتحسس قدميّ ليطمئن عل...

نجار في رأسي (47)

أقرأ النباتية(١) الآن. كُنت قد قطعت شوطاً طويلاً حتى وصلت إليها مُعتبرة قراءتي لها الآن احتفاء بمثابرتي كما يجب: ١٥ كتاباً خلال ٥ شهور بواقع ٣ كتب شهرياً. *** تنتمي هذه الرواية لأدب الكارثة، وهي ثاني رواية  كارثية أقرأها خلال الفترة السابقة بعد رواية خرائط يونس للروائي المصري محمود حسني. في كل مرة أحاول التدوين تفترسني رغبة الحديث عن الخمسة عشر كتاباً! فأتبلبل وأضيع، تجاوزت معضلتي هذه بصعوبة في رمضان، ورغم التدوينة الرمضانية المحشورة محاولة مني لنفض غبار رأسي واستئناف الكتابة إلا أنها أتت كمن يطهو للمرة الأولى  ديك رومي ليلة الميلاد! لم أطهو ديكاً رومياً ولا مرة، إلا أن مشاهد ليلة رأس السنة  في الأفلام والمسلسلات جعلتني أقيس التجربة بخيالي وأقيم صعوبتها العظيمة، والتي لا يمكن مقارنتها بأي طبقٍ محلي أو عالمي أعرفه، ومارأيت من لذة في تلك الليلة من تناول لحمٍ طري كالزبد قد جعلتني ألمس صعوبته وتطلب إحساس الطاهي الرقيق في صنع الطبق... ليلة عيد وطبق مستحيل وثلج! معضلة متشابكة تشبه المشاريع الكتابية التي أؤجلها كل مرة، تدوينات ومقالات أحلم بتدوينها. أنا نجار فقد مهارة قطع...

أَكتُبْ كما لو كُنتْ في التاسع والعشرين من مايو (34)

هذه التدوينة عبارة عن مسودة ، كنت أشطب وأكتب وأضيف فيها طوال شهر مايو، ولمّ تُنشر إلا الآن ... العجيب ما حدث في مايو ! حيث تضاءلت كتاباتي وتدويناتي اليومية الخاصة فيما تصاعدت وتيرة قراءاتي، لتكن العلاقة بين القراءة والكتابة عكسية، لكن الأهم أن يبيقيان ضمن إطار علاقةٍ ما ...هذه التدوينة عبارة عن ماحدث مع القراءات في شهر مايو.. في هذا الشهر واللذي يصادف شهر رمضان ستكون قراءتي مرتكزة على كتابين : أسطنبول: الذكريات والمدينة لباموق، ومن شرفة إبن رشد للكاتب المغربي عبد الفتاح كيليطيو . *** خمسة أصوات ـ غائب طعمة فرمان قرأت هذاه الرواية بتدفق وإنهماك ثم توقفت قرابة الشهر .. لماذا ؟ لقد ضاع الكتاب في سيارة أحد إخوتي، لأجده بشكلٍ غرائبي داخل درج خزانتي .. صحيح أن رعدة سريعة مرت بي وأنا أتأكد من أن الكتاب هو ذاته كتابي ... لكنني إبتهجتُ جداً حين تأكدت من أنه هو : كتابي البنفسجي الضائع . قراءةٌ أولى لغائب، لقد أهداني أحد الأصدقاء هذه الرواية، طوال القراءة كان يمر بي طيف نجيب محفوظ، إنه يشبه سرد محفوظ إلى حدٍ ماـ خاصة في رواية ميرامار ـ حيث تتعدد أصوات الرواة كما فعل غائب متنقلاً بين خمسة ...