التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ليموزين !









" كانت الساعة الثالثة صباحاً عندما رن الهاتف لأول مرة ولكنه توقف، وما أن وضعت رأسي من جديد لأنام حتى سمعت بعض الطرق على باب غرفتي، كان الطرقُ رقيقاً لكنّه مُتلاحق يشي بإضطراب الطارق .. فتحتُ الباب ورأبتُ عبد الحكيم بوجه مُصفر يميلُ إلى الخضرة كانَ يرفعُ نظارته لأعلى عظمة أنفه بإرتباك :
_ آسف لإني أيقظتك .
_ لمّ أكنُ نائماً كُنتُ أقرأ، هل أنتَ من اتصل على هاتفي ؟
كُنتُ أكذب.. كان إرتباكه عظيماً.. والعِرق الأخضر يسار عنقه ينبض بطريقة مخيفة .. لمّ أكُن لأزيد توتره  إن علم أنّي أستعد للنوم .
_ نعم ..
_ ماذا تُريد ؟
_ هُناك صوت في الخارج ..
_ أين ؟
_ في الفناء الخارجي ..
_ أنتَ تتوهم اللصوص أذكى منّ يُصدروا أصواتاً ..
_ أقسم لك، تعال وأقترب من باب الدرج ..
ذهبتُ معه وضعتُ أذني على الحديد البارد، لمّ أسمع صوتاً التفتُ إليه وفي فمي تتكور شتيمة .. سمعنا فجأة خبطات عنيفىة وصوت إحتكاك معدني ، قُلتُ له :
_ هذه ليست حركة بشر !
بلع ريقه :
_ ماذا تقصد ؟
_ أوه ذهب خيالك بعيداً جداً .... هذه حركة حيوان .
_ أنتَ تعلم لايوجد لدينا حيوان .
_ قد تكون قطة  ...
_ القطط لمّ تفعلها ولامرة .. مالذي يجعلها تقفز السور ؟
ضرب جبينه بغتة وكانهُ تذكر شيئاً ... صرخ :
_ الحمامة !
أمسكتُ زندهُ بحقد لإنهُ بدا لي في تلك لحظة وكانه كان غافلاً عن شيء وتذكره بعد أقلق نومي وجعل عروق جسمه كُله مستنفرة ..
_ أيها الغبي تقولُ حمامة ؟ تُقلق نومي وتجعل شعري يقف من التوجس وتتذكر أنك لمّ تُدخل حمامتك المُنتفة وتركتها للقطط .. ماتت ! إذهب والحق على بقيتها لعلنا نصنع منها غداءنا غداً ... اللعنة عليك ألا تعلم بما ينتظرني في الصباح هه ؟ تلك الزحمة الخانقة وثرثرة الراكبين الكريهة ، خصوصاً أولئك الذين لمّ يتناولوا فطورهم  و طبقة الجير الصفراء تُغطي أسنانهم الوسخة ...
إرتدى نعاله الممزق وانطلق يفتحُ الباب .. طللتُ من الفرجة التي تركها بعد أنّ خرج، لمحتُ ريشة تطيرُ أمامي ورائحة موت تملأ المكان .. انسللتُ بهدوء وأغلقتُ الباب بصمت، تكَ تكة خفيفة فقط ... لعل نومهُ في الخارج يُحققُ إنتقامي ويجعلني أنامُ سريعاً .... "

تعليقات

  1. يالشراسة الموقف .. طاح قلبي .. وارتعب ..
    ولكنه نص يسرقك لتنهيه بالرغم من رعبة ..

    ردحذف
  2. بسم الله على قلبك !
    إلا أن رعبك هذا جعلني أثق بأدواتي الكتابية أكثر التي استطعت إيصال أحاسيس القصة ..
    ممتنة وأكثر !

    ردحذف
  3. التحديات التى تواجه الشركات عند تأسيس شبكة وكيفية التغلب عليها
    لمزيد من التفاصيل يمكنك زيارة متجر مدن الاتصالات | https://modn.com/ar/network-challenges-for-businesses-and-how-to-overcome

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بحر وكتاب وقمر

" لتبدأ الحياة كل يوم كما لوأنها بدأت للتو " غوته ( 1 ) الإجازة فرصة لتغوص أكثر في ذاتك ، تجربة جديدة لأرضٍ جديدة تزورها.. تكتشفها ، تبحث عن تاريخها المدون على سمائها وفي أوراق حشائشها . الإجازة تعني لي لذةً جميلة تتناسل كل عام للتوحد مع كتاب وإتمامه في أيامٍ معدودات على ضوء قمر وشاطيء ورائحة ملح ، أو تحت ظل شجرة وهدوء ظهيرة باردة ، الإجازة محاولة للتحرر من الضغوط و الإلتزامات السخيفة المكبلة لي .. الإجازة حرية مؤقتة تُهديها نفسك ، وعلاقة تجددها مع الروح لتكون روحك هي صديقة روحك .. الإجازة أنت وأنا ولا شيء آخر . ( 2 ) البدايات صعبة و القراءة كأي بداية متعثرة متخبطة غير ثابتة كخطى الطفل الرضيع ، بداياتي كبداياتكم جميعاً قصص المغامرات والألغاز، شُغفت بها اقتنيت كل ما قدرت عليه .. المغامرون الخمسة ، رجل المستحيل ، ملف المستقبل ،( حتى الروايات العاطفية جاء عليها الدور بس ما طولت فيها ).. انغمست في أدب آجاثا حتى النخاع ، غمرني محفوظ ابو روايتنا بحنانه وقوته الروائية ، بدأت أتنوع ... أحرص على أن استفيد من الكُتب ومن القراءة .. قبل أن اقتني أي كتاب ابحث عنه وأصنفه وأق...

إنني لا أقرأ يا أمي

إنني لا أقرأ يا أمي، لم اعد أملك القدرة على فتح كتاب، غدا مخي يرسم خيالاتٍ حامضة في كل صفحة أقلبها.. توقفت عن الأخوة كارامازوف بعد أن ضقتُ ذرعاً بحديث الأب زوسيما الرتيب المنخفض، وعيون ألكسي المتسعة في إستنكارٍ صامت. ونقاشات الأخ إيفان و والسيد ميوسوف. أردتُ قراءة أهالي دبلن، ولم أقدر سوى على ثلاث قصص تحديداً .. مليئة برائحة السعوط والكهنة، مزاج جويس مخيف وقاتم لكنه حقيقي تماماً لدرجة ان رائحة موت الكاهن العفنة تسللت لأنفي وأنا أقرأ قصة "الأخوات" ، ورأيتُ بعينيّ ظلام سوق آرابي وهو يقفل مطفأً انواره في القصة الكاملة " سوق آرابي ". إنني لا أقرأ يا أمي، ونفسي بلونِ الكُحل، وجسدي واهن وضعيف كورقة مثقوبة، ولا أحد يتحمل شكاية بلا حجم سوى قلبك الممتد حباً، أعلمُ أن ما أكتبه وما كتبته قد لاتقرأه عيناكِ يا أمي، لكن ربما هذا السبب الذي يجعلني أكتب لك، لإن أحدثك دون أملأ قلبكِ بحزني ، وقلقلي ، ونزقي، ومزاجيتي ، وأحلامي، وثرثرتي.. حاولتُ مرة أن أحتويك وأن ألصقَ صدركِ بصدري حين بكيتي في المرات القليلة التي رأيتكِ تبكين فيه، حاولتُ إحتضانك، وإذ بكفيك المكورتين كقبضة لينة ت...

ورطة القارئ في الأعياد: نصائح لقراءة منعشة خلال أيام الإجازة القصيرة

  تبدو عطل الأعياد بمثابة شهيق طويل نلتقط فيه أنفاسنا، بعد مسيرة الأعمال المحمومة، ودائرة الروتين اليومي، نخلد فيها للوسائد باطمئنان، نلتهم السعادة مع سكاكر الصغار وحلويات العيد. حتى تداهمنا تلك اللحظة الفارغة!  تلك اللحظة التي تقع وسط نهر الزمن اللاهث وتتجمد العقارب فيها فتبحث داخلك وحولك عن ما يمكن أن يملأها: فيلم؟ كتاب؟ أم نزهة مختلفة؟ بالنسبة لي تكون هذه العطل القصيرة  بمثابة احتفال قرائي أختار فيه كتاباً بعشوائية تلائم نمط فوضى هذه الأيام، أسميه كتاب العيد وأغوص فيه بكل حواسي. مررت بعشرات الأعياد، عشت فيها تجارب مختلفة مع كتب عديدة: منها ما كان اختياره في هذا التوقيت موفقاً ورسخ داخلي قراءة لا تنسى، ومنها ما كان اختياره مروعاً! وتحول لزومبي يزورني ليالي العيد الساكنة السوادء وأثناء غيبوبات نعاس العصر الطويل. في هذا المقال سأستعرض معكم بعض هذه التجارب، ولن أنسى إضافة بعض النصائح المركزة للفوز حقاً بقراءة منعشة في هذه الإجازة القصيرة. فرانكشتاين في بغداد: اخترت فرانكشتاين في بغداد دون الاعتبار لتنافر موضوع الرواية الرهيب مع توقيت (العيد).  بدأت بها مساء يوم العيد ...