حكتْ لي صديقتي نورة وانا في خامس إبتدائي عن حديقتهم الكبيرة المزروعة بالنجيل و شجيرات ورد الجوري والفل الذي يفيض كرمها في الصباحات الباردة فتحضرُ وردتين واحدة لها والأخرى تهديني إياها لأغرسها بين خصلات شعري القصير أو في جيب المريول الأمامي، وحكتْ لي عنّ أرجوحتهم الخضراء الكبيرة لدرجة أنهُ بمكنها الإستذكارُ على مقعدها وهي تتأرجح، وحينَ طلبتُ من أمي زيارتها بحجة الأرجوحة والمذاكرة رفضت أمي وهي تضحك وتشيرُ لأرجوحتنا الهزيلة المطعوجة بزوايا حادة تخدشني كُل مرة حين أهمُ بالركوب .. حينها تمنيتُ أن أصير نملة !
حلمتُ أن أملك القدرة على تحويري من إنسان إلى نملة بطريقة تشبه مافعلته أليس في بلاد العجائب، هكذا بسلاسة ودونَ ألم .. حلمتُ أنّ أصير نملة وقتما أريدُ فأدلفُ في حقيبة نورة وأذهب معها لأرى أشجار الورد والمرجيحة الخضراء، وحين تفرغ حقيبتها من كتبها انسلُ بهدوء وسلام دون أن تشكُ نورة أنني رفيقتها للحظة واحدة .. أنسابُ في طرقات بيتهم ومن ثم أتسلقُ عواميد الأرجوحة بصبرٍ حثيث يشبهُ صبرَ قبيلة النمل التي هاجمت القط توم وطرحته من أعلى أرجوحته القماشية بين شجرتين، حتى أصل للمقعد بجانب أيٍ من أفراد أسرة صديقتي وهو يتأرجح .. وأنظرُ للعالم العملاق حولي وأسمعُ سواليفهم وأسرارهم المنزلية الخاصة دونَ أنّ يرتابوا للحظة واحدة أنّ هناك نملةً غريبة تسمعهم .
كُنتُ مرة أنا وأخويّ الأصغر مني نلعبُ في الفناء الخارجي مباراة كرة قدم مضحكة جُل لاعبيها ثلاثة، لتُطلَ علينا فتاةٌ صغيرة حركاتها شقية ولسانها بذيء من نافذة الجيران .. أصبنا بالمفاجأة والبلادة ولمّ نقدر سوى على الضحك ورمي علب العصائر الفارغة عالياً لإخافتها .. سمعنا صوتاً ذكورياً عالياً وضربات ثم صياح الطفلة حينها تمنيتُ أيضاً أن أصيرَ نملة وأصعد الجدار لأصل إلى بيتهم لأرى ماذا حلّ بالطفلة التي لمّ تتشاقى علينا سوى مرةٍ واحدة .
تمنيتُ كثيراً وبلا حدّ لعدد الأمنيات تلك بأن أصير نملة، لأدلف البيوت التي لا أستطيع دخولها ، لأتجاوز المحظور والحرام والعيب .. لأرى ماذا يفعلُ الناس دون رقيب أو حساب لوجود شخصٍ غريب .
حين قرأتُ سورة النمل وقرأتُ الآية : " وحُشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون* حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون " [النمل: 17-18].
علمتُ أنّ النملة شأنها عظيم لذكرها في القرآن، ولا يُستهان بصبرها وتنظيمها أبداً ... وحتى الآن لازلتُ أتمنى أنّ أصيرَ نملة :) !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الصورة أعلاه لجحر نمل في فناءنا :)
الحمدلله انكِ لستِ نمله
ردحذفلأنني أشعر أن حياة النمل جداً تعيسه و صعبه
و شاقه ،،،
أهلاً نوف .. سعيدة بطلتك وتعليقك .
ردحذفأما أنا فلا تزالُ حياةُ النمل تستهويني :)
كل ما تحتاج معرفته عن تأسيس كول سنتر-Call center
ردحذفhttps://modn.com/ar/all-what-you-need-to-know-about-settingup-a-call-center?utm_source=falsfaglam&utm_medium=organic&utm_id=V-103