التخطي إلى المحتوى الرئيسي

11





بعضُ القراءاتُ تستحيلُ لقنبلة أرقٍ موقوتة لا تنفجرُ إلا حين أضعُ رأسي على الوسادة، لذا لا تقرأ وانتَ تضمرُ النوايا لتنام مُبكراً .. إقرأ قصص أطفال أو شاهد فيلماً مملاً أو مسلسلا رتيباً لتتحقق أمنيتك وتنام سريعاً  خالي البال من لعنة كتابٍ ما .

***

كُتب على غلاف الكتاب الذي قرأته ليلة الأمس مُسمى رواية. وبعد قراءته  رأيته ككتابٍ نقدي يسخرُ بذكاء من الرواية المحلية، وأحياناً تشطحُ السخرية للرواية العربية ..حيث ُعرج على بعض الروائين العرب مثل تاج السر ... عبد الواحد الأنصاري سَخَّر رواية الإسماعيلي لنقد الرواية السعودية وتعاطيها مع متغيرات المجتمع والسياسة، بدأ الأنصاري الرواية بتشويق ،وكأنه ببدايته تلك يشيرُ إلى جاذبية الرواية لدى غالبية الكتاب المحليين .. ثم توشوشت الصورةُ لدي عن حكاية رواية الإسماعيلي في منتصف الكتاب ، فترهلت وضاع نسجها ثم أتت النهاية بلا نهاية، يلفها الغموض .. هذا الكتاب حوى رواية سعودية بإمتياز قدر عبد الواحد أن يمثلها عبر الإسماعيلي .

***

علي إسماعيل كتب رواية وقام بطباعةِ نسخٍ عديدة ليكدسها لديه ولا يقرأها إلاه وعبد الواحد الذي قابله صدفة أثناء إستلام روايته، فاحت رائحة الحبر الساخن لتغري عبد الواحد ليسأل وليجيب علي اسماعيل _ كما يغري الخبز الساخن  للشراء حين تفوح رائحته_  .. وعبر محاورةٍ سريعة يظفرُ بالكتاب .. فيكتب عنه مُقيداً بشرطٍ من علي إسماعيل بألا ينقلُ من الكتاب ولا كلمة وله غير هذا الشرط بأن يفعلَ مايشاء .

***

في هذا الكتاب يستعينُ عبد الواحد بنظريات باختين وكونديرا في الأدب الروائي... يُنظرُ وتكونُ كتابات باموق وإيكو وبورخيس وماركيز وزوسكيند  وساراماغو وبراون مصدراً له للمقارنة بين الأعمال العربية والرواية الغربية، يغربلُ كتابات السعوديين كرجاء عالم وعبده خال والمحيميد والدويحي والمزيني والحربش وصلاح القرشي،  فبصف الإسماعيلي:
" لكن الأعجب أن الإسماعيلي يبدو في صورته النهائية كتاباً جامعاً لكل تلك الكتب محتوياً لها، مستحوذاً عليها كأنه المجرى الذي تصبُ فيه هذه الروافد وهو صورتها المللخصة .. وكأنه نصوص هوميروس بالنسبة إلى ماسبقها من أساطيرَ يونانية .."

***

الإسماعيلي روايةٌ ساخنة تنعى الناشر المحلي حين تطبع في مطبعة تجارية، ببنائها المحاكي للرواية المحلية الناقل لحقيقة ضعفها.. وحتى في هذا الكتاب الذي كتبه عبد الواحد عنها بدا سبكه لها تهكمياً وكأنه بهذه الحبكة  الهشة يقول : " هكذا تُكتب الرواية السعودية ! "

***

بقي لدي تساؤلٌ وتخمين.. تساءلتُ لمَ سميتُ بالإسماعيلي تحديداً؟ إلامَ ترمز هذه التسمية ؟ و ما حكاية الغلاف الذي يحوي نخلةً  مرسومة أعلى برج الروابات السعودية ؟
أرَّقني التساؤل حتى غطني النوم .. ليتمثل ماقد يكونُ إجابةً في صورة حلم للعلم السعودي بشعاري السيف والنخلة.. فهل رمزت التسمية والنخلة  المرسومة على الغلاف لإن يكونَ عنوان الكتاب : الروائي السعودي ؟
ربما ...

تعليقات

  1. حلول الشبكات أختيارك الامثل في عالم الأعمال
    لمزيد من التفاصيل يمكنك زيارة متجر مدن الاتصالات | https://modn.com/ar/network-solutions

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بحر وكتاب وقمر

" لتبدأ الحياة كل يوم كما لوأنها بدأت للتو " غوته ( 1 ) الإجازة فرصة لتغوص أكثر في ذاتك ، تجربة جديدة لأرضٍ جديدة تزورها.. تكتشفها ، تبحث عن تاريخها المدون على سمائها وفي أوراق حشائشها . الإجازة تعني لي لذةً جميلة تتناسل كل عام للتوحد مع كتاب وإتمامه في أيامٍ معدودات على ضوء قمر وشاطيء ورائحة ملح ، أو تحت ظل شجرة وهدوء ظهيرة باردة ، الإجازة محاولة للتحرر من الضغوط و الإلتزامات السخيفة المكبلة لي .. الإجازة حرية مؤقتة تُهديها نفسك ، وعلاقة تجددها مع الروح لتكون روحك هي صديقة روحك .. الإجازة أنت وأنا ولا شيء آخر . ( 2 ) البدايات صعبة و القراءة كأي بداية متعثرة متخبطة غير ثابتة كخطى الطفل الرضيع ، بداياتي كبداياتكم جميعاً قصص المغامرات والألغاز، شُغفت بها اقتنيت كل ما قدرت عليه .. المغامرون الخمسة ، رجل المستحيل ، ملف المستقبل ،( حتى الروايات العاطفية جاء عليها الدور بس ما طولت فيها ).. انغمست في أدب آجاثا حتى النخاع ، غمرني محفوظ ابو روايتنا بحنانه وقوته الروائية ، بدأت أتنوع ... أحرص على أن استفيد من الكُتب ومن القراءة .. قبل أن اقتني أي كتاب ابحث عنه وأصنفه وأق...

ورطة القارئ في الأعياد: نصائح لقراءة منعشة خلال أيام الإجازة القصيرة

  تبدو عطل الأعياد بمثابة شهيق طويل نلتقط فيه أنفاسنا، بعد مسيرة الأعمال المحمومة، ودائرة الروتين اليومي، نخلد فيها للوسائد باطمئنان، نلتهم السعادة مع سكاكر الصغار وحلويات العيد. حتى تداهمنا تلك اللحظة الفارغة!  تلك اللحظة التي تقع وسط نهر الزمن اللاهث وتتجمد العقارب فيها فتبحث داخلك وحولك عن ما يمكن أن يملأها: فيلم؟ كتاب؟ أم نزهة مختلفة؟ بالنسبة لي تكون هذه العطل القصيرة  بمثابة احتفال قرائي أختار فيه كتاباً بعشوائية تلائم نمط فوضى هذه الأيام، أسميه كتاب العيد وأغوص فيه بكل حواسي. مررت بعشرات الأعياد، عشت فيها تجارب مختلفة مع كتب عديدة: منها ما كان اختياره في هذا التوقيت موفقاً ورسخ داخلي قراءة لا تنسى، ومنها ما كان اختياره مروعاً! وتحول لزومبي يزورني ليالي العيد الساكنة السوادء وأثناء غيبوبات نعاس العصر الطويل. في هذا المقال سأستعرض معكم بعض هذه التجارب، ولن أنسى إضافة بعض النصائح المركزة للفوز حقاً بقراءة منعشة في هذه الإجازة القصيرة. فرانكشتاين في بغداد: اخترت فرانكشتاين في بغداد دون الاعتبار لتنافر موضوع الرواية الرهيب مع توقيت (العيد).  بدأت بها مساء يوم العيد ...

" المسخ " _ فرانز كافكا

أن تُسلم رأسك للمخدة وعينيك للرقاد وتحت وسادتك يقبع كتاب " المسخ "لكافكا لهو أمرٌ بالغ الصعوبة بل قد يصل حد الإستحالة ! فرانز كافكا الفتى التشيكي ذي الديانة اليهودية والنشأة الألمانية جعلني أفضل إكمال روايته على ان أستسلم للنوم وفي روايته بقايا صفحات غير مقرؤة ، مستحيل كيف يمكن أن أنام وانا لمّ أدرِ بعد بالذي حل بغريغور سامسا بعد تحوله الفضيع ؟ فجأة استقيظ الفتى المنهك في عملٍ كئيب مرهق ليجد نفسه حشرة ، صرصار ، خنفساء روث _ كما زعقت بذلك ذات مرة الخادمة العجوز _ استيقظ ليجد ظهره قاسياً محدباً بشكل مؤلم ، وبطنه مليء بحلقات بارزة سمراء وعدة أرجل قصيرة هشة .. ياإلهي ! كل ما فكرت فيه كيف تحول هكذا بين ليلة وضحاها ، فيما كان هو " غريغور " يُعمل فكره في إيجاد عذرٍ لتخلفه عن رحلة العمل حتى يعود لطبيعته .. مسكين غريغور كل ما وثب لحظتها في دماغه العمل ، العمل الذي يعيله ويعيل أسرته ويجعلها تعيش الحياة بشكلٍ مريح .. حاول النهوض ، أصيب بأكثر من رضة ولكنه كان يقول لنفسه " حسناً سألحق قطار الثامنة " نسي أو تناسى أنه حشرة ، فيما كانت ردة فعل أبيه وامه وأخته ...