أنّ تقرأ وإصبعُ الذكريات القديمة يدفعُ يدك لتختار ذلك الكتاب الذي عبث بمخيلة الطفل الذي كُنت.. يعني أنّ تقرأ بعيني قارئين وبعقلي قارئين : القارئ الذي غدوتهُ الآن، والقارئ الطفل الذي كان يتقافز بشقاوة على صفحات مجموعة قصصية لا يقرأها سوى الكبار كما فعلتُ أنا .
كُنتُ في حوالي التاسعة، وكُنتُ في بيت الجد، كُلُ ذكريات القراءة وأنا طفلة يحتضنها بيتُ الجد، أحمدُ الله أنّ خالي الذي أُسميه عرابي في القراءة اشترى ذلك البيت ولمّ يهاجر مع قطعان الهجرة التي نبذت مواطن الذكريات .. وبحثت عن مواقع جديدة راقية .. أكتفى خالي بأسطوانات الطلاء الضخمة ومهندس ديكور ورائحة الحنين ليجعل هذا المنزل ذا رونقٍ خاص .
في ذلك البيت كنتُ أبحثُ عن أي سطرين متناغمين لأنطرح على بطني وأغمس الملل في متعة السفر عبر القراءة، رأيتُ ذلك الكتاب الرهيف، أحمله وأقلبُ صفحاته لأكتشف أنّ جُلّ كُتلته مُتركز في التجليد المتين للغلاف الأخضر الداكن، بلا صور... على الغلاف فقط سطرين إحداهما لعنوان القصص والآخر يحملُ إسم المؤلف : ( 16 حكاية من الحارة، محمد صادق دياب ) أقرأ القصص وأذوق طعم الحلوى الحجازية وأسمع أناشيد المسحراتي في رمضان .. أقرأ القصص وأرتعبُ من قصة المجنونة العبيطة .. وفيما بعد يغمرني التعاطفُ مع حالها ، أقرأ القصص وتؤرشف الذاكرة اسم المؤلف الذي جعلني لأول مرة أرتشف حلاوةً مغايرة للقصص وأكتشفَ باباَ جديداً من أبواب القراءة اسمهُ : "القصة القصيرة " .
***
في العام 2011 يموتُ محمد صادق دياب بعد أنّ ترك رواية وحيدة اسماها بمقام الحجاز، أشتري الرواية وأهديها لأمي التي نتشاركُ أنا وهي في عشق هذا الحجازي .. أقرأ الرواية قبل اسبوعين أرى كاتباً غير الذي قرأتُ له وأنا صغيرة .. أتساءل هل تغير هوَ ؟ أم أنّ قراءتي تغيرت ؟
يبدو كلانا .. فالقارئ والكاتب في تبدلٌ مستمر ...
***
كتبتُ بعد قراءتي للرواية مُباشرة :
( أسميها رواية مدينة اسمها جدة،.. في هذه الرواية عرفتُ معلومات تاريخية لم أعرفها قبل عن هذه المدينة، عن غزو البرتغاليين لها ، والإحتلال العثماني وأسباب بناء سور جدة .. لغة دياب مُطعمة بنكهة حجازية، بجمال الرواشن ولذة الحلوى الحجازية .. موضوع الرواية يحتاجُ إستفاضة وعمقاً أكثر، تسرب إلي الملل قليلاً .. إلا أن الرواية أنقذت نفسها بنفسها بصفحاته القليلة .. أُحس المرحوم صادق دياب كتبها بإستعجال كبير .)
***
شغوفة جداً بالأرجنتيني " إرنستو ساباتو " ... هو فيزيائي مرموق، عالمٌ عبقري .. وأديب، وسياسي، هذه التوليفة الشهية للشخصية الإنسانية تجعلني أتتبع آثاره في كُل مكان .. في الكتب في الشبكات، والمجلات والدوريات .
كونه يتشارك معي في التخصص الأكاديمي شيءُ يجعلني مُثارة ومتفاءلة لأقصى حد .. لدي حُلم : أنّ أحقق ربع ما حققه ساباتو في عالم الأدب وكلّ ما حققه في الفيزياء ،ثم أفعلُ ما فعله حين رمى الفيزياء وراء ظهره وقبع في صومعة الكتابة .. أريدُ أنّ أشيهه ولو قيلاً .
***
أُقيم معرض الرياض بما يحفلُ به من ضجيجِ كُلِ سنة ..
لمّ أذهب بعدُ للمعرض .. سأذهبُ قريباً، ستكون التدوينة القادمة عنه بإذن الله.
متجر مدن الاتصالات الاختيار الأمثل لشراء منتجات VoIP وأنظمة الشبكات
ردحذفلمزيد من منتجات الاتصالات VOIP والشبكات يمكنك زيارة متجر مدن الاتصالات | https://modn.com/ar/Modn-Store:-the-store-of-every-voip-and-network-device