التخطي إلى المحتوى الرئيسي

4

 فقدتُ بعض اليوميات الخاصة بالقراءة حين دونتها في مفكرة الهاتف ،هاتفي مُعطل بسبب تفكك وصلة الشحن الترانستورية الصغيرة ، سأتابع ما كتبته إلى أن أسترجع يومياتي ..وإلا سأبكي عليها وأنساها .
أنهيتُ أمس كتاب يوميات القراءة لألبرتو مانغويل ، أصبح منظر الكتاب لعيني مُريعاً ومخجلاً .. أخجل من تخطط الكتب بهذه الطريقة ، أحسً أن رونق الكتاب الجديد يجب أن تهتم به حين نقتني كتاباً ، فكنتُ قبل أن أتعرف على هذا القارئ الهائل أتبع تلك السياسة إزاء الكتب .إلا أن سطور مانغويل زجرتني في تاريخ القراءة ، كُل كتاب لا يغدو مقروءاً إن احتفظ بنصاعته ، التخطيط والهوامش علامة القارئ الحقيقي ، الشغوف ..وأنا أحبُ أكثر تلك التهمة ، لذا إمتلأت كتبي بالعديد من بصمات الحبر وأوراق الملاحظات ، عدا عن بقع القهوة ، والفاصل لهذا الكتاب .غدا هذا الكتاب وثيقة مذكرات كما قال .

***
يجب أن أبحث عن أسماء الكُتاب والرسامين الذين دونتهم في بداية الكتاب سريعاً، جوجل حلٌ مذهل :)

***
أعتزمُ بعد قليل كتابة رسالة أشكرُ فيها دار المدى السورية _ العراقية .. الدارُ تسعى لنشر حراكٍ ثاقفي أصيل في منطقتنا ، طبعاتها المريحة ، إهتمامها بالغلاف والترجمات ، أسعارها المعقولة جداً تحضني بشدة لخط عبارات الأمتنان وبعثها عبر البريد الألكتروني .

***
بقي لي " رسالة إلى الوالد " وأنهي المجلد الأول من مجلدات كافكا..هناك أفكارٌ تمورُ بإضطراب وتيه في عقلي ، أقرأُ بعض الصفحات وبجانبي كتاب اليوميات المحرر من ماكس برود _ نشر دار كلمة _ ألتقط بعض يومياته ثم أتابع قراءة الرسالة ، أثناء قراءتي ليوميات مانغويل مررتُ على إقتباس من يوميات كافكا يتحثُ فيها عن الأرق ، تحديداً يوم 2تشرين الأول من العام 1911 ، أقرأ ثلاث يوميات ويعتريني أسى ،وأمنية : أن أكون إلى جانب كافكا في لحظات أرقه المميمتة تلك ، لأناوله كوب نعناع ، أُغطيه باللحاف جيداً ، وأفردُ ساقيه المتأثرتين بركبتيه المتشنجتين بسبب الكتابة ..علّ ساعة من النوم العميق تزوره .
كتب إبراهيم وطفي " عانى كافكا من الأرق طوال حياته "
يقولُ مانغويل : " ليست الكتابة بل هي القراءة التي تبقيني صاحيا، القراءة هي مهنة المؤرق بلا منازع ! "
بخصوص كافكا علقت قصة " الحُكم " في ذاكرتي ،غرست أنيابها وجعلتني أفكر : من هو جيورج ؟ هل هو كافكا ؟ يبدو لي الصديق المهاجر لرزسيا أمنية كافكا في أن يكون مثل حالة : وحيداً ، منعزلاً  ، معدماً ..آنذاك .. أقرأ مقالة كتبتها الشاعرة بثينة العيسى تناولت في جزيئة منها قصة الحُكم ، ومن ثم هوب ! تنقشع غلالة الغموض الشفيفة وتنكشف الفكرة المؤرقة فرانز هو الصديق وهو جيورج هوَ كلا هما !
سأحاول كتابة إنطباعي عنها بشكلٍ أكثر نضجاً قريباً .

***
قليلة هي الكُتب المهداة في مكتبتي .. من ضمنها : " الحياة صندوق 7 " لأشعار الباشا ، كُنت أراهن على هذه الفتاة وبما تكتب بنشوء قلم وأدب سيحدث فارقاً في مظهر أدبنا المحلي . أشعار مريضة .. مريضة جداً ، ترقدُ في أحد مشافي لندن مُصابة بنزيف وأفاقت قبل ساعات من غيبوبة ، يا رب كُنّ معها .

***
هذا الإقتباس من الصفحات الأخيرة من يوميات القراءة :
" إلى حدٍ ما هذه هي حقيقة كُل كتاب نحبه. نحن نعتقد إننا نقترب منه عنّ بعد، نراقبه يُزيح الستارة التي تحميه ، نرصده يكشفُ حكايته ونحنُ في المقاعد الأمينة للنظارة _ الناظرين _، لكننا ننسى أن ما يجعل الشخصيات باقية على قيد الحياة ، ومايجعل من القصة حية هو أمرٌ يتوقف على وجودنا كقراء ، يعتمد على فضولنا، على رغبتنا في تذكر تفصيل، أو دهشتنا بسبب غياب، كما لو أن قدرتنا الخاصة على الحب قد خلقت، في خضمٍ من كلمات شخص المحبوب .
لا أعرفُ بعد إلى أي كتاب ستقودني كلمات ماتشادو . "

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بحر وكتاب وقمر

" لتبدأ الحياة كل يوم كما لوأنها بدأت للتو " غوته ( 1 ) الإجازة فرصة لتغوص أكثر في ذاتك ، تجربة جديدة لأرضٍ جديدة تزورها.. تكتشفها ، تبحث عن تاريخها المدون على سمائها وفي أوراق حشائشها . الإجازة تعني لي لذةً جميلة تتناسل كل عام للتوحد مع كتاب وإتمامه في أيامٍ معدودات على ضوء قمر وشاطيء ورائحة ملح ، أو تحت ظل شجرة وهدوء ظهيرة باردة ، الإجازة محاولة للتحرر من الضغوط و الإلتزامات السخيفة المكبلة لي .. الإجازة حرية مؤقتة تُهديها نفسك ، وعلاقة تجددها مع الروح لتكون روحك هي صديقة روحك .. الإجازة أنت وأنا ولا شيء آخر . ( 2 ) البدايات صعبة و القراءة كأي بداية متعثرة متخبطة غير ثابتة كخطى الطفل الرضيع ، بداياتي كبداياتكم جميعاً قصص المغامرات والألغاز، شُغفت بها اقتنيت كل ما قدرت عليه .. المغامرون الخمسة ، رجل المستحيل ، ملف المستقبل ،( حتى الروايات العاطفية جاء عليها الدور بس ما طولت فيها ).. انغمست في أدب آجاثا حتى النخاع ، غمرني محفوظ ابو روايتنا بحنانه وقوته الروائية ، بدأت أتنوع ... أحرص على أن استفيد من الكُتب ومن القراءة .. قبل أن اقتني أي كتاب ابحث عنه وأصنفه وأق

هل ننجو من لعنة الفراعنة؟ إليكم ماحدث ..

مقولة مثل كل المقولات ! رماها أحدهم في الفضاء وتلقفتها الأفوه؛ لاكتها، عجنتها، تندرت بها، توجست منها، ثمّ: صدقتها . تلك هي حكاية لعنة الفراعنة باختصار ! منذ أن افتتح كارتر مقبرة توت غنع آمون وهناك من يؤمن بتلك اللعنة، وهناك من يضحك على من يؤمن بها … لعل ضحكه يدفع شراً ما، لكن الجميع يتفق على أنها ظاهرة غريبة ليس لها تفسير، أو قد تحمل تفسيراً أُوري في الخفاء كما يحدث مع ظاهرة موت لاعبي كرة القدم بالسكتات القلبية هذه الأيام :) ! لم يمت أحدٌ ممن اكتشفوا مقبرة (واح ـ تي) في نوفمبر  2018 ، وهو مسؤول كبير _ كاهن للسلالة الخامسة من أسرة الفراعنة _ ، حوت المقبرة عدة موميات لوالدة هذا الكاهن وأولاده وزوجته، إضافة لموميات لبوة وشبل أسد، حوت المقبرة قصة حياة " واح تي " وتاريخاً آخر لصراعٍ عاشه مع مواطن فرعوني آخر أراد أن يطمس حضوره بعد الموت واستولى على المقبرة عله يحظى بجنة (واح - تي) بعد الموت ! خلال ساعتان مركزة من السرد المرئي لاكتشاف غرفة  

ورطة القارئ في الأعياد: نصائح لقراءة منعشة خلال أيام الإجازة القصيرة

  تبدو عطل الأعياد بمثابة شهيق طويل نلتقط فيه أنفاسنا، بعد مسيرة الأعمال المحمومة، ودائرة الروتين اليومي، نخلد فيها للوسائد باطمئنان، نلتهم السعادة مع سكاكر الصغار وحلويات العيد. حتى تداهمنا تلك اللحظة الفارغة!  تلك اللحظة التي تقع وسط نهر الزمن اللاهث وتتجمد العقارب فيها فتبحث داخلك وحولك عن ما يمكن أن يملأها: فيلم؟ كتاب؟ أم نزهة مختلفة؟ بالنسبة لي تكون هذه العطل القصيرة  بمثابة احتفال قرائي أختار فيه كتاباً بعشوائية تلائم نمط فوضى هذه الأيام، أسميه كتاب العيد وأغوص فيه بكل حواسي. مررت بعشرات الأعياد، عشت فيها تجارب مختلفة مع كتب عديدة: منها ما كان اختياره في هذا التوقيت موفقاً ورسخ داخلي قراءة لا تنسى، ومنها ما كان اختياره مروعاً! وتحول لزومبي يزورني ليالي العيد الساكنة السوادء وأثناء غيبوبات نعاس العصر الطويل. في هذا المقال سأستعرض معكم بعض هذه التجارب، ولن أنسى إضافة بعض النصائح المركزة للفوز حقاً بقراءة منعشة في هذه الإجازة القصيرة. فرانكشتاين في بغداد: اخترت فرانكشتاين في بغداد دون الاعتبار لتنافر موضوع الرواية الرهيب مع توقيت (العيد).  بدأت بها مساء يوم العيد بعد إرهاق التقبيل ا