التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رواية ميمونة لمحمود تراوري

حين تهيأتُ لختمِ الرواية أحضرتُ مجموعة من الكتب التي تحمل الطابع الروائي ووضعتها بجانبي ،إنهاءُ كتابٍ ما يمنحك لذة الإنجاز وتلك لعمري لذةٌ لا تعادلها لذة !

بدأت الرواية وكدتُ ألا أكملها ، لفرط جزالة اللغة وكثافتها فحين أقرأ رواية ما يجذبني الحدث أكثر من اللغة المروية وفي " ميمونة " كان يقدم حكايا الأشخاص بلغة وافرة المفردات، فصيحها ، مستعيناً بكمٍ هائل من التشبيهات والإستعارات كادت أن تعوق قراءتي لولا حكاية : " ميمونة " .

الرائع في محمود تراوري إضافة إلى اللغة ، طريقة سرد الرواية ليس كما أعتدت حيث اعتدت على راوٍ يروي الحدث ،في ميمونة كل شخصية تقصُ أيها القارئ الفاضل قصتها .. تحكي حكاية الترحال من عوالم إفريقيا إلى مكة البيضاء ، ومدينة الرسول الحبيب عليه الصلاة والسلام .. الحكايا التي تعبق بريح الند والصندل والحناء وأشجار المانغو والموز ، لتحط في رمال الجزيرة وتبدأ رحلة مؤلمة تنادي الإنسان وتقتل فيها العبودية والرق ..

ميمونة ، أمها ، أبيها ، خالتها ، عمر مسك ، قدس ، كلٌ روى الحكاية بطريقته .. وعشتها معه ..

محمود بدأ بإهداء الرواية إلى من اسماها " حواء " أم صدقة ، وأنهاها بهذه الجملة لقدس :

" ثم أسأل : هل أصبحنا كما نحلم أم أننا لم نحسن الحلم ؟

اسأل .. أسأل ..أسأل وأسأل .. وبس . "
الرواية فريدة جداً وذات محور مختلف يتناول تأثير العرق الإفريقي في نسيج الجزيرة العربية تقع في 145 صفحة من القطع المتوسط من إصدار دار المدى.

إقتباسات :

* فحكايتي رائحة، أقترح أن تشموها ، اصغوا إليها ، تسمعون أشياء تفتح عيونكم لتلعنوا ! ص10

* الغريب يتآخى مع غربته بالارتحال داخله والإنصات لذاته . ص11

* نحن كعرب نظن جازمين أن سوانا من غير العرب ليس لديهم أخلاق وقيم نبيلة ...

..كل شعوب الدنيا لديها قيم .. تعرف الكرم وعندها أخلاق ونبل وغيرة .. ولكنها تفعل وتمارس أكثر مماتتكلم وتخطب ! ص82


* وأخيراً أهزوجة حجازية جميلة : ص138

ويالله بنا ياحلوي نسمر

على نسمر

تحت ظل الياسمين

ونقطف الرمان من أمه

والعواذل نايمين

نايمين والله .

تعليقات

  1. حقق أقصى معدلات الإنتاجية لرفع كفاءة العمل من خلال إنشاء كول سنتر احترافي
    لمزيد من التفاصيل يمكنك تصفح مدونة مدن التقنية | https://modn.com/ar/Reach-the-maximum-work-efficiency-through-an-integrated-call-center-solution

    ردحذف
  2. أنواع أنظمة السنترالات PBX وفائدتها للأنشطة التجارية في عام 2022

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

( سرير الأشباح ) ... قصة قصيرة

أحسّ بموجة هواءٍ حارة ، عرف أن النافذة جواره فُتَحت لثانية ثم غُلَقت ، حاول أن يرفع رمشيه الباردين ، حاول أن يقاوم ثِقَل المرض الماكث في خلايا جفنيه ... ، حاول ولم يفلح ، تمنى أن يرى الدنيا من نافذة السيارة المُسجّى على مرتبتها .. كان رأسه يقع تحت كوتها مباشرة ، مرة ثانية أحس بشيئٍ حار يلسع وجهه دون أن يشم الهواء ، عَرَفّ أن الشمس نجحت في مقاومة غيمة وتبديد ظلمتها الرمادية . أعياه الإحساس المشلول بالأجساد والأشياء حوله ، تمنى لو يُقَطِعُ جسده ، يفتته إلى قِطّع صغيرة ، ثم يبعثر ذاته في الفضاء عبر النافذة حتى لا يبقى منه سوى دُفقة نور ... روحه المُنهكة ! حينها قد تفضحه رائحة المرض والسرطان الذي سكن هيكله المسكين بضع سنين ، ودمّر حياته ، حتى أنه ذاق الموت أو كاد مراتٍ عديدة... أصطدمت رأسه بالمرتبة الأمامية بفعل القصور الذاتي _ حين توقفت المركبة _ ... ماذا قُلت ؟؟ قصور ذاتي ؟؟ لازالت العلوم الطبيعية تحفر عقلي ، وتُذَكرني بأني كنت مُدرساً محبوباً لمادة العلوم ..احترق جفنّاي، لابد أن الدموع تثابر لمقاومة الصمغ المتلبد بين الرموش .. أحسست بيديّ إبني سعيد وهو يتحسس قدميّ ليطمئن عل...

نجار في رأسي (47)

أقرأ النباتية(١) الآن. كُنت قد قطعت شوطاً طويلاً حتى وصلت إليها مُعتبرة قراءتي لها الآن احتفاء بمثابرتي كما يجب: ١٥ كتاباً خلال ٥ شهور بواقع ٣ كتب شهرياً. *** تنتمي هذه الرواية لأدب الكارثة، وهي ثاني رواية  كارثية أقرأها خلال الفترة السابقة بعد رواية خرائط يونس للروائي المصري محمود حسني. في كل مرة أحاول التدوين تفترسني رغبة الحديث عن الخمسة عشر كتاباً! فأتبلبل وأضيع، تجاوزت معضلتي هذه بصعوبة في رمضان، ورغم التدوينة الرمضانية المحشورة محاولة مني لنفض غبار رأسي واستئناف الكتابة إلا أنها أتت كمن يطهو للمرة الأولى  ديك رومي ليلة الميلاد! لم أطهو ديكاً رومياً ولا مرة، إلا أن مشاهد ليلة رأس السنة  في الأفلام والمسلسلات جعلتني أقيس التجربة بخيالي وأقيم صعوبتها العظيمة، والتي لا يمكن مقارنتها بأي طبقٍ محلي أو عالمي أعرفه، ومارأيت من لذة في تلك الليلة من تناول لحمٍ طري كالزبد قد جعلتني ألمس صعوبته وتطلب إحساس الطاهي الرقيق في صنع الطبق... ليلة عيد وطبق مستحيل وثلج! معضلة متشابكة تشبه المشاريع الكتابية التي أؤجلها كل مرة، تدوينات ومقالات أحلم بتدوينها. أنا نجار فقد مهارة قطع...

أَكتُبْ كما لو كُنتْ في التاسع والعشرين من مايو (34)

هذه التدوينة عبارة عن مسودة ، كنت أشطب وأكتب وأضيف فيها طوال شهر مايو، ولمّ تُنشر إلا الآن ... العجيب ما حدث في مايو ! حيث تضاءلت كتاباتي وتدويناتي اليومية الخاصة فيما تصاعدت وتيرة قراءاتي، لتكن العلاقة بين القراءة والكتابة عكسية، لكن الأهم أن يبيقيان ضمن إطار علاقةٍ ما ...هذه التدوينة عبارة عن ماحدث مع القراءات في شهر مايو.. في هذا الشهر واللذي يصادف شهر رمضان ستكون قراءتي مرتكزة على كتابين : أسطنبول: الذكريات والمدينة لباموق، ومن شرفة إبن رشد للكاتب المغربي عبد الفتاح كيليطيو . *** خمسة أصوات ـ غائب طعمة فرمان قرأت هذاه الرواية بتدفق وإنهماك ثم توقفت قرابة الشهر .. لماذا ؟ لقد ضاع الكتاب في سيارة أحد إخوتي، لأجده بشكلٍ غرائبي داخل درج خزانتي .. صحيح أن رعدة سريعة مرت بي وأنا أتأكد من أن الكتاب هو ذاته كتابي ... لكنني إبتهجتُ جداً حين تأكدت من أنه هو : كتابي البنفسجي الضائع . قراءةٌ أولى لغائب، لقد أهداني أحد الأصدقاء هذه الرواية، طوال القراءة كان يمر بي طيف نجيب محفوظ، إنه يشبه سرد محفوظ إلى حدٍ ماـ خاصة في رواية ميرامار ـ حيث تتعدد أصوات الرواة كما فعل غائب متنقلاً بين خمسة ...