التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حين كتبت ابنة البر عن حوريات البحر ..... أميمة الخميس في رواية ( البحريات )




الإهداء :
" إلى سهام
سيدة البحريات "


نسيجٌ مهلهل ذاك الذي تدلف إليه " بهيجة " ، من لبنات طين قاسية وذرات رمال لا تسكن ، وبشر جافّونّ ، يابسة جلودهم وحلوقهم ، قلوبهم لا ترحب بغريب ، ولا تآخي سوى النخل ...
خلافها هي ابنة البحر ، الفاقعة ،البيضاء ، الزاهية برائحة اللوز الأخضر وأزهار البرتقال ، رفيقة الياسمين والفُل ، العَطِرة الرطبة ..
كانت " بهيجة " ابنة بحر جاءت من الشام لترطب بيت آل معبل النجدي ، تزوجها الإبن البكر صالح وملكت شغاف قلبه بألوانها الفاقعة وروحها الشفيفة..
أما البحرية الأخرى " سعاد " الشامية الناعمة ، جاءت بزواج سعد منها أخ صالح الأصغر ، لتنجب أولاداً نجباء خدودهم حمراء ورائحتهم ليمون ...
البحرية الثالثة " رحاب " ، المعلمة الفلسطينية جاءت لتجلو عقول النجديات وتبعثر الجهل والرتابة ، بنظّارتها السميكة ورائحة زيتون وبحر ..
ثلاث بحريات جئن إلى الرياض في أواخر الستينيات الميلادية ، عاصرنّ نهضة النفط وزمن الطفرة ، تقلبن في نسيج بيت آل معبل النجدي ، وجعلتهن ذرات الصحراء نساءاً أُخريات .
رواية تعرض التاريخ بقالبٍ محكم ، رصين ، الرياض ببيوت الطين ومن ثم نهضة الإسمنت ، التغيرات السياسية في ذلك الزمن ، عالم النساء النجديات ندلف إليه من بيت آل معبل ، صراع البحريات معهن ومع الصحراء ومع ذواتهن المكرمشة .
تكونت الرواية من 268 صفحة وُ زعت على 23 فصلاً ، جاءت بلغة جميلة مفرداتها غاية في الدقة وعرضٍ كأنه الحقيقة بوصفٍ شاملٍ متقن ..
لم يعب الرواية سوى بعض الألفاظ المتجاوزة ، والتي لمْ تتجاوز أصابع اليد الواحدة .
لأجل أن تقرأ شيئاً من التاريخ النجدي أقرأ هذه الرواية ، لأجل أن تلج عالم البحريات إقرأها ولا تتردد ... الرواية من إصدار دار المدى .


.. .. ..


سطور دونتها :


".. كان الموت في تلك الأيام زائراً شبه دائم يأخذ في طريقه الشيوخ والصبايا والرضع ، كان يعلم أهل نجد بأنه يتربص بهم كذئبٍ خلف البوابة المجاورة ، فكانوا يحاولون مراوغته والأختباء عنه ، يموهون جميع ألوانهم اللامعة المزهوة ،جمالهم أو نضارتهم البراقة ... "
ص 8

".. ولاشيئ يشعرنا بإنهمار الزمن وتدفقه كالوجوه االمتبدلة التي يلبسها الأطفال في سنواتهم المختلفة، وأحذيتهم التي تضيق العام تلو الآخر ، ... "
ص 30

" .. واكتشفت أن صوته كان يطري النهارات ويزيل خشونتها ، ... وتحسه كأنه مختلف مغاير للجميع ، كأنه ربطة عنق ومعطف تويد ومظلة ، تحسه إفرنجيا متمدنا يملك أجنحة لا يملكها آخرون . "
ص 222



هذه القراءة كتبتها في موقع مكتبة الإقلاع العامة ،باسم الفراشة زينة هُنا :http://vb.eqla3.com/showthread.php?t=534767&page=3

تعليقات

  1. قراءة جميلة للرواية .. سمعت كثيرا عن البحريات .. وعن الكاتبة ..
    وأعجبني أكثر طريقة عرضك لها .. واقتناص نصوص منها يدل على ذائقة عالية وحس أدبي رفيع ..

    ردحذف
  2. أستاذ عبد الله :
    سرتني زيارتك ، وأشكرك على إطرائك ..

    فعلاً الرواية تستحق أن تُقرأ ... وبالنسبة لـ

    أميمة أنا أتابعها مذ زمن عبر مقالاتهافي جريدة

    الجزيرة ..

    حياك الله دائماً ^ ــ ^

    ردحذف
  3. الأمــ ورود(هبووشه)ـــــــــل27 مارس 2011 في 10:07 م

    اشكر الكاتبة الروائيه اميمه الخميس على رواياتها الاكثر من رائعه واتمنى اتمنى اني اوصل للي هي وصلت له ان شاء الله وانا قابلتها في مدرستي ضمن ورشه العمل وكانت انسانه طيوبه مره ورائعه
    تقبلوا شكري ... ^_^

    ردحذف
  4. تمنياتي لكِ بالتوفيق ..
    وأشكر زيارتكِ " هبوشة "

    ردحذف
  5. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بحر وكتاب وقمر

" لتبدأ الحياة كل يوم كما لوأنها بدأت للتو " غوته ( 1 ) الإجازة فرصة لتغوص أكثر في ذاتك ، تجربة جديدة لأرضٍ جديدة تزورها.. تكتشفها ، تبحث عن تاريخها المدون على سمائها وفي أوراق حشائشها . الإجازة تعني لي لذةً جميلة تتناسل كل عام للتوحد مع كتاب وإتمامه في أيامٍ معدودات على ضوء قمر وشاطيء ورائحة ملح ، أو تحت ظل شجرة وهدوء ظهيرة باردة ، الإجازة محاولة للتحرر من الضغوط و الإلتزامات السخيفة المكبلة لي .. الإجازة حرية مؤقتة تُهديها نفسك ، وعلاقة تجددها مع الروح لتكون روحك هي صديقة روحك .. الإجازة أنت وأنا ولا شيء آخر . ( 2 ) البدايات صعبة و القراءة كأي بداية متعثرة متخبطة غير ثابتة كخطى الطفل الرضيع ، بداياتي كبداياتكم جميعاً قصص المغامرات والألغاز، شُغفت بها اقتنيت كل ما قدرت عليه .. المغامرون الخمسة ، رجل المستحيل ، ملف المستقبل ،( حتى الروايات العاطفية جاء عليها الدور بس ما طولت فيها ).. انغمست في أدب آجاثا حتى النخاع ، غمرني محفوظ ابو روايتنا بحنانه وقوته الروائية ، بدأت أتنوع ... أحرص على أن استفيد من الكُتب ومن القراءة .. قبل أن اقتني أي كتاب ابحث عنه وأصنفه وأق

هل ننجو من لعنة الفراعنة؟ إليكم ماحدث ..

مقولة مثل كل المقولات ! رماها أحدهم في الفضاء وتلقفتها الأفوه؛ لاكتها، عجنتها، تندرت بها، توجست منها، ثمّ: صدقتها . تلك هي حكاية لعنة الفراعنة باختصار ! منذ أن افتتح كارتر مقبرة توت غنع آمون وهناك من يؤمن بتلك اللعنة، وهناك من يضحك على من يؤمن بها … لعل ضحكه يدفع شراً ما، لكن الجميع يتفق على أنها ظاهرة غريبة ليس لها تفسير، أو قد تحمل تفسيراً أُوري في الخفاء كما يحدث مع ظاهرة موت لاعبي كرة القدم بالسكتات القلبية هذه الأيام :) ! لم يمت أحدٌ ممن اكتشفوا مقبرة (واح ـ تي) في نوفمبر  2018 ، وهو مسؤول كبير _ كاهن للسلالة الخامسة من أسرة الفراعنة _ ، حوت المقبرة عدة موميات لوالدة هذا الكاهن وأولاده وزوجته، إضافة لموميات لبوة وشبل أسد، حوت المقبرة قصة حياة " واح تي " وتاريخاً آخر لصراعٍ عاشه مع مواطن فرعوني آخر أراد أن يطمس حضوره بعد الموت واستولى على المقبرة عله يحظى بجنة (واح - تي) بعد الموت ! خلال ساعتان مركزة من السرد المرئي لاكتشاف غرفة  

ورطة القارئ في الأعياد: نصائح لقراءة منعشة خلال أيام الإجازة القصيرة

  تبدو عطل الأعياد بمثابة شهيق طويل نلتقط فيه أنفاسنا، بعد مسيرة الأعمال المحمومة، ودائرة الروتين اليومي، نخلد فيها للوسائد باطمئنان، نلتهم السعادة مع سكاكر الصغار وحلويات العيد. حتى تداهمنا تلك اللحظة الفارغة!  تلك اللحظة التي تقع وسط نهر الزمن اللاهث وتتجمد العقارب فيها فتبحث داخلك وحولك عن ما يمكن أن يملأها: فيلم؟ كتاب؟ أم نزهة مختلفة؟ بالنسبة لي تكون هذه العطل القصيرة  بمثابة احتفال قرائي أختار فيه كتاباً بعشوائية تلائم نمط فوضى هذه الأيام، أسميه كتاب العيد وأغوص فيه بكل حواسي. مررت بعشرات الأعياد، عشت فيها تجارب مختلفة مع كتب عديدة: منها ما كان اختياره في هذا التوقيت موفقاً ورسخ داخلي قراءة لا تنسى، ومنها ما كان اختياره مروعاً! وتحول لزومبي يزورني ليالي العيد الساكنة السوادء وأثناء غيبوبات نعاس العصر الطويل. في هذا المقال سأستعرض معكم بعض هذه التجارب، ولن أنسى إضافة بعض النصائح المركزة للفوز حقاً بقراءة منعشة في هذه الإجازة القصيرة. فرانكشتاين في بغداد: اخترت فرانكشتاين في بغداد دون الاعتبار لتنافر موضوع الرواية الرهيب مع توقيت (العيد).  بدأت بها مساء يوم العيد بعد إرهاق التقبيل ا