التخطي إلى المحتوى الرئيسي

يوم

الأربعاء 2\11\1430 هـ
يوم ككل الأيام أصحو بعنينين تتوق إلى نومٍ لا ينقطع ، ثم يتكفل الشاي بأمر حل الصداع القابض على جمجمتي ..
أطهو الغداء وأنا أردد سطور خاطرة شعرية خطتها صديقة عزيزة :
أتى في الصباح..
ليهدي العمر عمراً ..
وفيض ظنون
وبعض جنون......
وأكرر بلحنٍ حزين :
أتى في الصباح ..!
لابد من تناول الغداء وإن كانت معدتك لا تستسيغه، وإلا لأحسست بعملٍ ناقص من نصاب يومٍ من أيامك المتدفقة كصنبور ماء دون حساب القطرات ، في لحظة ما قد تفكر في حساب قطراتك عندما تشح القطرات و ينفذ خزان الماء ، وتلك لحظة لا تستطيع فيها أن تملأ خزان مياهك ثانية !
ولربما عطل ذلك التهور بوصلة يومك المتخبطة أصلاً ، قد تبقى طوال ساعاتك الباقية بمعدة تملأها مسليات وشيبساً، أو قد تبقى بمعدة تقتات على الشاي حتى تخلد إلى نومك ثانية ..!!
أتفقد مابقي من صفحات الرواية التي أقرأها مساءا ً، أتعجب من قدرة أحلام على جذبي حتى نهاية ثلاثيتها ،وفك طلاسمها المموهة بنصٍ أنيق ولامع دون إسفاف أو تكلف ..
قالت أحلام مستغانمي في إحدى مقاطع الرواية المبلبلة " عابر سريير " :
( هل يمكن لوطن أن يلحق بأبنائه أذى لا يلحقه حيوان بنسله ؟ هل الثورات أشرس من القطط في إلتهامها لأبنائها من غير جوع ؟ وكيف لا تقبل قطة ، مهما كثر صغارها ، أن يبتعد أحدهم عنها ، ولا ترتاح حتى ترضعهم وتجمعهم حولها ، بينما يرمي وطن بأولاده إلى المنافي والشتات غير معني بأمرهم ؟ وهل في طمر أوساخها تحت التراب هي أكثر حياءً من رجال يعرضون دون خجل ،عار بطونهم المنتفخة بخميرة المال المنهوب ؟.. )

لسعني هواء جهازالتبريد، كما لسعني نص أحلام.... أطفأت الجهاز وفتحت النافذة ليتسلل هواء الرياض الحار مشبعاً بالشمس ، سألني طفلي بغتة وهو يلعب الكرة :
متى يسقط الثلج ؟؟
ذكرني سؤاله بأننا في فصل الخريف ، وإن كنّا لا نحس بخريف هنا سوى خريف العمر ! فعلمت لمَّ بوصلة أيامي هذه الفترة مقلوبة الإتجاهات ... فلا الصيف رحل ولمّ يأت الشتاء ..
إبتسمت لطفلي إبتسامة خريفية شاحبة ، وتململت في مقعدي وتابعت قراءة الرواية .

تعليقات

  1. أحببت التدوينة كثيراً .

    أشكرك

    ردحذف
  2. وأنا سرني ردك ياعزيزة...
    لا تبخلي بزيارتك فالمدونة تبتهج بك ..
    (عذراً على الرد المتأخر )

    ردحذف
  3. شكرا لذاكرتك صغيرتي الغالية والتي احتفظت ببعض من كلماتي وجعلتها ترافقك في بداية يوم من أيامك..ذلك شرف لي ولأحاسيسي,أما الرائعة القديرة أحلام مستغانمي فاني أتلاشى أمام سطورها..تسلبني القدرة على مقاومة عوالمها التي تخلقها بطوفان من العواطف الجارفة..مزيج سحري من الحب والالم والعنفوان يجتذب القلب والفكر فيلتصقان به ويلتصق بهما...ذلك ماتفعله بي كتابات أحلام.أما الخريف فلاشأن لك به عزيزتي..حاولي ان تستمتعي بنسيمات الربيع وعطرهاحتى وان كنا على مشارف الشتاء:)

    ردحذف
  4. جميلة :
    لاتغيبي هذه المساحة تفتقدك ...
    سرني تعليقك حتماً ^ ـــ ^

    ردحذف
  5. الرخص وخدمات الكلاود Cloud licence خدمة تقدمها شركة مدن الاتصالات بصفتها موزع ووكيل لكبري العلامات التجارية المعروفة علي مجموعة من المنتجات و أجهزة IP PBX المتوفرة بمتجر مدن الالكتروني.

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بحر وكتاب وقمر

" لتبدأ الحياة كل يوم كما لوأنها بدأت للتو " غوته ( 1 ) الإجازة فرصة لتغوص أكثر في ذاتك ، تجربة جديدة لأرضٍ جديدة تزورها.. تكتشفها ، تبحث عن تاريخها المدون على سمائها وفي أوراق حشائشها . الإجازة تعني لي لذةً جميلة تتناسل كل عام للتوحد مع كتاب وإتمامه في أيامٍ معدودات على ضوء قمر وشاطيء ورائحة ملح ، أو تحت ظل شجرة وهدوء ظهيرة باردة ، الإجازة محاولة للتحرر من الضغوط و الإلتزامات السخيفة المكبلة لي .. الإجازة حرية مؤقتة تُهديها نفسك ، وعلاقة تجددها مع الروح لتكون روحك هي صديقة روحك .. الإجازة أنت وأنا ولا شيء آخر . ( 2 ) البدايات صعبة و القراءة كأي بداية متعثرة متخبطة غير ثابتة كخطى الطفل الرضيع ، بداياتي كبداياتكم جميعاً قصص المغامرات والألغاز، شُغفت بها اقتنيت كل ما قدرت عليه .. المغامرون الخمسة ، رجل المستحيل ، ملف المستقبل ،( حتى الروايات العاطفية جاء عليها الدور بس ما طولت فيها ).. انغمست في أدب آجاثا حتى النخاع ، غمرني محفوظ ابو روايتنا بحنانه وقوته الروائية ، بدأت أتنوع ... أحرص على أن استفيد من الكُتب ومن القراءة .. قبل أن اقتني أي كتاب ابحث عنه وأصنفه وأق...

إنني لا أقرأ يا أمي

إنني لا أقرأ يا أمي، لم اعد أملك القدرة على فتح كتاب، غدا مخي يرسم خيالاتٍ حامضة في كل صفحة أقلبها.. توقفت عن الأخوة كارامازوف بعد أن ضقتُ ذرعاً بحديث الأب زوسيما الرتيب المنخفض، وعيون ألكسي المتسعة في إستنكارٍ صامت. ونقاشات الأخ إيفان و والسيد ميوسوف. أردتُ قراءة أهالي دبلن، ولم أقدر سوى على ثلاث قصص تحديداً .. مليئة برائحة السعوط والكهنة، مزاج جويس مخيف وقاتم لكنه حقيقي تماماً لدرجة ان رائحة موت الكاهن العفنة تسللت لأنفي وأنا أقرأ قصة "الأخوات" ، ورأيتُ بعينيّ ظلام سوق آرابي وهو يقفل مطفأً انواره في القصة الكاملة " سوق آرابي ". إنني لا أقرأ يا أمي، ونفسي بلونِ الكُحل، وجسدي واهن وضعيف كورقة مثقوبة، ولا أحد يتحمل شكاية بلا حجم سوى قلبك الممتد حباً، أعلمُ أن ما أكتبه وما كتبته قد لاتقرأه عيناكِ يا أمي، لكن ربما هذا السبب الذي يجعلني أكتب لك، لإن أحدثك دون أملأ قلبكِ بحزني ، وقلقلي ، ونزقي، ومزاجيتي ، وأحلامي، وثرثرتي.. حاولتُ مرة أن أحتويك وأن ألصقَ صدركِ بصدري حين بكيتي في المرات القليلة التي رأيتكِ تبكين فيه، حاولتُ إحتضانك، وإذ بكفيك المكورتين كقبضة لينة ت...

ورطة القارئ في الأعياد: نصائح لقراءة منعشة خلال أيام الإجازة القصيرة

  تبدو عطل الأعياد بمثابة شهيق طويل نلتقط فيه أنفاسنا، بعد مسيرة الأعمال المحمومة، ودائرة الروتين اليومي، نخلد فيها للوسائد باطمئنان، نلتهم السعادة مع سكاكر الصغار وحلويات العيد. حتى تداهمنا تلك اللحظة الفارغة!  تلك اللحظة التي تقع وسط نهر الزمن اللاهث وتتجمد العقارب فيها فتبحث داخلك وحولك عن ما يمكن أن يملأها: فيلم؟ كتاب؟ أم نزهة مختلفة؟ بالنسبة لي تكون هذه العطل القصيرة  بمثابة احتفال قرائي أختار فيه كتاباً بعشوائية تلائم نمط فوضى هذه الأيام، أسميه كتاب العيد وأغوص فيه بكل حواسي. مررت بعشرات الأعياد، عشت فيها تجارب مختلفة مع كتب عديدة: منها ما كان اختياره في هذا التوقيت موفقاً ورسخ داخلي قراءة لا تنسى، ومنها ما كان اختياره مروعاً! وتحول لزومبي يزورني ليالي العيد الساكنة السوادء وأثناء غيبوبات نعاس العصر الطويل. في هذا المقال سأستعرض معكم بعض هذه التجارب، ولن أنسى إضافة بعض النصائح المركزة للفوز حقاً بقراءة منعشة في هذه الإجازة القصيرة. فرانكشتاين في بغداد: اخترت فرانكشتاين في بغداد دون الاعتبار لتنافر موضوع الرواية الرهيب مع توقيت (العيد).  بدأت بها مساء يوم العيد ...