التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مُدونتي بثوبها الجديد : أهلاً !


كُنت أقرأ في كتاب مُتعة المُتخيل من إصدار دار التكوين ، وهو عبارة عن مجموعة من المقابلات لكُتابٍ عالميين _ كَ غونتر غراس وارنست همنجواي وغابرييل غارسيا ماركيز وفوكنر و جون ستانبيك وكونديرا ويوسا وفلاديمير نابكوف ومايا آنجلو وأكتافيو باز وتوني موريسن وآلان روب _ وفي قراءتي له كنتُ أتبع نمط الإنتقاء لهولاء الكُتاب ففضلت أن أبدا بهمنجواي وبدأت بعدها في مقابلة نابكوف التي لم أكملها ، لإنّي أدركت أن هذه المقابلة يستلزمُ فهمها قراءة أعماله .. وبعد هذا الدرس ولأنّي قرأت لماركيز عملين قفزتُ لمقابلته .
قرأت مقابلته مستمتعة ، وأستطيع أن أضعني في خانة عاشقي ماركيز ، ففوق أن كتاباته ووصفه الرائع وهو يحكي يأسراني، هو يبعث فيّ إلهاماً ويوقد أفكاراً في عقلي ، تجعلني أبحثث عن قلم ، أو أهرع للوحة المفاتيح أدون ما رسمه الخيالُ قبل أنّ يضيع .. كما أفعلُ الآن .

يقولُ هذا الكولومبي وهوَ يُجيبُ عنّ سؤالْ : " الأهم هو أنّ نكتب وليسَ أن يُكتبُ عنّا "  ! نعمّ من المُهم أن نكتب طالما وُجدت بذرة الكتابةُ فينا .. الكتابة أستطيع تشبيها كنخلة ، شجرة مُباركة ستظلُ تنهمر عليكَ بالرطبات ما دُمتَ تلقحها وتواليها بالعناية وطرد الحشرات وسوسة النخلِ عنها ، ومتى فتئتْ وخارت هِمتك سيقلّ  ثمرها ، وقد يُصبحُ ماسخاً دون طعم .. وسيؤول حالها ذات يوم إلى أشواكٍ جافة، لا علاج لها سوى أن تُجتث وتُقتلع من جُذورها وتُرمى مع النُفايات .
ليس في حديثي السابق إشارةٌ إلى أن حالي أصبحت تُشبه تلك النخلة اليابسة ، فلازلتُ والحمد لله أكتب _ وإنّ كانت تلك الكتابة فوضوية ومزاجية لحدٍ كبير :(، وهو ما أحاول علاجه _ ...
كُراستي الوردية إمتلأت صفحاتها ، و قبل يومين أشتريتُ كراسةً جديداة ! حرصتُ أن يكون في غلافها ما يُبهج ، فـأخترته أحمراً ذان نقوشٍ مورودة، على غلافه تطير فراشتانِ زرقاء وبنفسجية .. حين أختارُ غلاف كراسة أبدو كما لو أنّي أختارُ فستاناً!
كانت المقابلة بتاريخ 1981 أي قبلَ حيازته على نوبل وقبل نشر آخر أعماله التي قرأتها : " نعيشُ لنروي " . كان يحكي عنّ إنزعاجه منّ الشهرة ، لدرجة تمنيهُ لو أنّ أعماله لمّ تُنشر إلاّ بعدَ مماته، فيقول عن الشهرة : " .. إنها تغزو حياتك الخاصة وتاخذ الوقت الذي تقضيه مع أصدقائك ، والوقت الذي يُمكنكَ أن تعمل به. إنها تعزلكَ عن العالمّ الحقيقي . الكاتب الشهير الذي يُريدُ أن يستمر بالكتابة عليه أن يُدافع عنّ نفسه بإستمرار ضد الشهرة . "
ماركيز يُفسح لعالمه في هذا اللقاء ليظهر من خلف الستار ، كاتبٌ لهُ وقته الخاص مع الكتابة ، له مكانهُ الخاص الذي يأوي إليه من التاسعة صباحاً حتى الثانية والنصف ظهراً . يحكي أنّه حاول انّ يكتب بعد الظهر فوجد نفسه يمحو ما كتبه في اليومِ التالي !
يقرأُ أي شيء حتى مجلات الأناقة والأزياء الخاصة بزوجته ! ويُعيد قراءة كُتبه ، وحين سوئل عن طموحاته أجاب بأمنيته السابقة أن يكون غير شهير، وأضاف: أنّهُ نادمٌ لإنهُ لمّ يُنجب إبنة .

هذا الكتابُ رائع ! وأثقُ أنّ تدويناتٍ عديدة ستتناسل منّ قرائته .أُشارك ماركيز في عشق المجلات وستكون اليوم رحلتي لجرير لأجلّ دُبي الثقافية والمجلة العربية و ناشيونال جيوجرافيك وَ مُجلة الجميلة   *  ـــــ  *   !  ..
أتمنى لو أكون ملتزمة بوقتٍ مُحدد للكتابة وهو ما اُُخططُ لتنفيذه .. ماذا عنّكم هل تلتزمون ببرنامجٍ لأجل الكتابة ؟ وما هي مُجلاتكم المُفضلة ؟

تعليقات

  1. أفضل 3 شهادات لتكنولوجيا الاتصالات وأنظمة الشبكات
    https://modn.com/ar/top-3-IT-certificates-that-are-in-a-high-demand-in-2022?utm_source=falsfaglam&utm_medium=organic&utm_id=H-102

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بحر وكتاب وقمر

" لتبدأ الحياة كل يوم كما لوأنها بدأت للتو " غوته ( 1 ) الإجازة فرصة لتغوص أكثر في ذاتك ، تجربة جديدة لأرضٍ جديدة تزورها.. تكتشفها ، تبحث عن تاريخها المدون على سمائها وفي أوراق حشائشها . الإجازة تعني لي لذةً جميلة تتناسل كل عام للتوحد مع كتاب وإتمامه في أيامٍ معدودات على ضوء قمر وشاطيء ورائحة ملح ، أو تحت ظل شجرة وهدوء ظهيرة باردة ، الإجازة محاولة للتحرر من الضغوط و الإلتزامات السخيفة المكبلة لي .. الإجازة حرية مؤقتة تُهديها نفسك ، وعلاقة تجددها مع الروح لتكون روحك هي صديقة روحك .. الإجازة أنت وأنا ولا شيء آخر . ( 2 ) البدايات صعبة و القراءة كأي بداية متعثرة متخبطة غير ثابتة كخطى الطفل الرضيع ، بداياتي كبداياتكم جميعاً قصص المغامرات والألغاز، شُغفت بها اقتنيت كل ما قدرت عليه .. المغامرون الخمسة ، رجل المستحيل ، ملف المستقبل ،( حتى الروايات العاطفية جاء عليها الدور بس ما طولت فيها ).. انغمست في أدب آجاثا حتى النخاع ، غمرني محفوظ ابو روايتنا بحنانه وقوته الروائية ، بدأت أتنوع ... أحرص على أن استفيد من الكُتب ومن القراءة .. قبل أن اقتني أي كتاب ابحث عنه وأصنفه وأق...

ورطة القارئ في الأعياد: نصائح لقراءة منعشة خلال أيام الإجازة القصيرة

  تبدو عطل الأعياد بمثابة شهيق طويل نلتقط فيه أنفاسنا، بعد مسيرة الأعمال المحمومة، ودائرة الروتين اليومي، نخلد فيها للوسائد باطمئنان، نلتهم السعادة مع سكاكر الصغار وحلويات العيد. حتى تداهمنا تلك اللحظة الفارغة!  تلك اللحظة التي تقع وسط نهر الزمن اللاهث وتتجمد العقارب فيها فتبحث داخلك وحولك عن ما يمكن أن يملأها: فيلم؟ كتاب؟ أم نزهة مختلفة؟ بالنسبة لي تكون هذه العطل القصيرة  بمثابة احتفال قرائي أختار فيه كتاباً بعشوائية تلائم نمط فوضى هذه الأيام، أسميه كتاب العيد وأغوص فيه بكل حواسي. مررت بعشرات الأعياد، عشت فيها تجارب مختلفة مع كتب عديدة: منها ما كان اختياره في هذا التوقيت موفقاً ورسخ داخلي قراءة لا تنسى، ومنها ما كان اختياره مروعاً! وتحول لزومبي يزورني ليالي العيد الساكنة السوادء وأثناء غيبوبات نعاس العصر الطويل. في هذا المقال سأستعرض معكم بعض هذه التجارب، ولن أنسى إضافة بعض النصائح المركزة للفوز حقاً بقراءة منعشة في هذه الإجازة القصيرة. فرانكشتاين في بغداد: اخترت فرانكشتاين في بغداد دون الاعتبار لتنافر موضوع الرواية الرهيب مع توقيت (العيد).  بدأت بها مساء يوم العيد ...

" المسخ " _ فرانز كافكا

أن تُسلم رأسك للمخدة وعينيك للرقاد وتحت وسادتك يقبع كتاب " المسخ "لكافكا لهو أمرٌ بالغ الصعوبة بل قد يصل حد الإستحالة ! فرانز كافكا الفتى التشيكي ذي الديانة اليهودية والنشأة الألمانية جعلني أفضل إكمال روايته على ان أستسلم للنوم وفي روايته بقايا صفحات غير مقرؤة ، مستحيل كيف يمكن أن أنام وانا لمّ أدرِ بعد بالذي حل بغريغور سامسا بعد تحوله الفضيع ؟ فجأة استقيظ الفتى المنهك في عملٍ كئيب مرهق ليجد نفسه حشرة ، صرصار ، خنفساء روث _ كما زعقت بذلك ذات مرة الخادمة العجوز _ استيقظ ليجد ظهره قاسياً محدباً بشكل مؤلم ، وبطنه مليء بحلقات بارزة سمراء وعدة أرجل قصيرة هشة .. ياإلهي ! كل ما فكرت فيه كيف تحول هكذا بين ليلة وضحاها ، فيما كان هو " غريغور " يُعمل فكره في إيجاد عذرٍ لتخلفه عن رحلة العمل حتى يعود لطبيعته .. مسكين غريغور كل ما وثب لحظتها في دماغه العمل ، العمل الذي يعيله ويعيل أسرته ويجعلها تعيش الحياة بشكلٍ مريح .. حاول النهوض ، أصيب بأكثر من رضة ولكنه كان يقول لنفسه " حسناً سألحق قطار الثامنة " نسي أو تناسى أنه حشرة ، فيما كانت ردة فعل أبيه وامه وأخته ...