التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, ٢٠١٢

19

قال أحد الأصدفاء في تويتر :  " أعلم بمقدار قلقلي من عدد دوواين الشعر المركونة بجانب السرير " ظل كتاب حسن مطلك الأخير مركوناً بجانبي مع كتاب إيزابيل اللندي " حصيلة الأيام "، رغم فراغي من كتابه العين إلى الداخل. إلا أن قصائده المصفوفة في الربع الأخير من الكتاب ظلت متشبثة برأسي مثيرة رغبة القراءة الشعرية فيّ، كلما شرعتُ في القراءة .. قرأت وقرأت وقرأت .. إلا ان مطلك كاتبٌ مستفز، يومياته محرضه وشعره السوريالي يحمل مخيلة مسكينة بديعة.. لازلتُ مبلبلة من قراءة مطلك، إن الكتابة عنه وفي يدي كتابٌ من آثاره يحوي أيامه وقصائده هو شي مُبَعّثِر، لا أكاد استجمع نفسي للكتابة عنه . صفحاته بالكاد بلغت المائة والأربعين، تخللها خيال أخيه الكاتب المهاجر لأسبانيا محسن مطلك، وبوحٌ معذب، ونقدٌ رفيع مدروس، وقصص قصيرة، وأحاديث عن الفن والجمال وعالم الكتابة الذي أصبح السيف الذى هوى على رقبة حسن في عام 1990 من قبل النظام السابق إثر محاولة لقلب الحكم على صدام حسين والعالم الميت في العراق . الإستفزاز هو الشعور المنطلق من كتابات حسن مطلك .. إنه يستفزك لتكتب، ولتضحك، ولتسخط، ولتبكي، ولتقر

18

عشتُ ثلاثة أيام كان ساعدي الأيمن ينبضُ يحيوية تفوق الرفرفة العادية لجفن العين، وطنبن الأذنين، والنبض العادي لصدغي حين أتوتر ... كان ساعدي ينبضُ كقلبٍ إضافي بنداءٍ أحسبه للكتابة، وأنا اكتبُ الآن هدأ ساعدي واستكان .. شخصتُ الداء وعرفتُ دوائي . *** في مقدمة مجموعته القصصية : اثنتا عشرة قصة قصيرة مهاجرة، كتب ماركيز جملة حلوة ورائقة وتنطبق على من مارس الكتابة حتى غدت الكتابة نمطاً لا تكادُ الأيامُ تستقيمُ إلا به، قال : " كم هو إدمان الكتابة شره وحكاك " .. يمكنني فهم ذلك بقراءة بقية مقدمته وبعد ان أصبح نبضُ ساعدي قلقاً لا يحتملهُ يومي السريع والقصير.. كتب ماركيز هذه المجموعة  أول مرة في بداية السبعينات بعد رأى نفسه تحضر جنازته ! كان يمشي بين رفاقه بملابس الحداد الوقورة بحماسة يصفها بالإحتفالية ! وكانوا سعداء بحفل الموت هذا .. وحين حانت ساعة الإنصراف، وانصرف الأصدقاء أدرك ماركيز أن الموت يعني عدم اللقاء مع الأصدقاء للأبد . وبعد هذا الحلم قرر ماركيز الكتابة عن حياة اللاتينين في أوربا، بوحي من هذا الحلم كما فصل في مقدمته .. وعلى إمتداد سنتين كتب ملاحظات ع

194

".... وصل بغا ذات ليلة ومعه ثلاثة كتب اشتراها تواً، أعارني واحداً منها لا على التعيين، كما كان يفعل أحياناً كثيرة ليساعدني على النوم. لكنه حقق في تلك المرة النقيض تماماً : ما نمتُ بعدها بالمتعة السابقة. الكتاب هو المسخ لفرانز كافكا،بترجمة بورخيس المزيفة، المنشور في دار لوسادا في بوينس آيرس، الذي رسم منذ السطر الأول طريقاً جديداً لحياتي. وهو اليوم إحدى التحف الأدب العالمي العظيمة : ( حين استيقظ غريغور سامسا ذات صباح بعد حلم مزعج، وجد نفسه وقد تحول في فراشه إلى حشرة مريعة . ) كانت كتباً غامضة، لم تكن مضائقها مختلفة وحسب، بل وفي كثير من الأحيان متناقضة مع كل ماعرفته حتى ذلك الوقت. لم يكن من الضروري البرهان على الأحداث: يكفي أن الكاتب كتبها لتكون حقيقية، دون أي برهان سوى قوته وسطوة صوته. ومن جديد كانت شهرزاد، لكن ليس في عالمها الألفي، حيث كل شيء ممكن، بل في عالمٍ لا يستعاض ضاع فيه كل شيء. انتابتني بعد الإنتهاء من قراءة المسخ رغبة ملحة بالعيش في تلك الجنة الغريبة. باغتني اليوم الجديد وأنا وراء الآلة الكاتبة المحمولة، التي كان يعيرني إياها دومنينغو مانول بغا، لأحاول كتابة ش