التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من فبراير, ٢٠١٢

عقوق

" في كُلِ زيارةٍ إلى بيته يُغمسُ فناجينَ القهوة وأكوابَ الشاي بثرثرته وسواليفه، تبدو عينيه مُتقدتين _ لمّ تفلح عدسات النظارة المُقعرة السميكة في إخفاء لمعانها _ ولمّ تؤثر تجاعيده المُتغضنة كجلد بعيرٍ جائع، ولا شيبهُ الرمادي المُكتسح لرأسهِ كُله في التقليل من إتقادهما، أو إخماد لسانه النشط . كُنتُ مُضطراً حينَ آتي لزيارته مع أبي كُلَ مرة، بحكم صداقتهما الضاربة بجذورها عميقاً كسِدرةٍ هرمة.. ولإن أبي في كُل مرة يُصرُ ويلحُ علي بزيارته .فلا أملكُ إلا هزةَ رأسٍ موافقة مداراة لخاطر أبي الشائب.. ونذهبُ كُل جمعة سويةً لبيت هذا الصديق . ثرثرته تُزعجني، حكيهُ متواصل كخيط صوف لا نهاية له، صوته عالٍ، ونبرتهُ نشاز، يخلطُ كُلَ الأمورِ ببعضها بشكلٍ مُنفر ! يتكلمُ في الماضي والحاضر، في الطبخِ والسفر، في الحبَ والأسرة، حتى الرقص وأسواق البورصة وأخبارُ إيران لمّ تفُته ... في آخر زيارةٍ له وضعتُ في جيبي قطعتين مدورتين من القطن، لأنعم بصممٍ مؤقت في حضرة هذا الستيني الثرثار، وليتولى رأسي المسكين بالإيماءات المُناسبة الخادعة . حينَ دلفنا بيت الشعر "خيمة "، وقبل أنّ أختلس وقتاً أضعُ فيه س

مدينة بُرتقالية

فضفضة

كُلُ الحكاية أنّي أحسُ بالخواء والجفاف .. لا شيء آخر، اليوم قلبتُ كراستي القديمة لأراجع قصة كتبتها مُنذ زمن، حتى أنقلها على الجهاز .. قلبتُ الصفحات وجدتُ تدوينة تخصُ بعض الأهداف التي حققتُ بعضاً منها، والأخرى طواها النسيان تحت معطفه الثقيل . كانت هُناك أكثرُ من فكرة مُدونة تحتاج حاضنة جيدة لتفقس قصة، هناك قصة من وحي آخر إجازة حين زُرتُ المتحف .. التفاصيلُ عالقة حتى اللحظة حتى أنّ العنوانَ لها موضوع ، وهو يمسك زمام الأمور حتى لا تُفلت، كان عنوانها " الطربوش الأحمر " ، سأكتبها قريباً .. أثقُ بحنيني لتلك التفاصيل التي إمتلأت بها الرحلة . قرأتُ كتابين ، مجلات كُل شهرٍ المُعتادة .. قراءاتي سأكتبها فيما اسميته بيوميات القراءة، البردُ قاسٍ والحياةُ تضغط علي أكثر فأكثر .. تداهمني نوبات الصداع والملل من كٌل شيء، تويتر مسخني إلى كائن لا يرغبُ سوى في ال 150 حرفاً ، وحلقة من غرايز آناتومي كُل يوم .. ونهاية الأسبوع  تكونُ لفيلمٍ طويل ... أشعرُ اني لمّ أعد كما كُنت، اهرب من الكتاب إلى النوم او أي شيء آخر ، ساعاتنا ممحوقة البركة .. والبردُ قارص، وفيروس الأنفلونزا يحومُ حولي .. وثرثرات أس

6

 قرأتُ فيما مضى من الأيام لجبرا إبراهيم جبرا ، أول مرة عبر سيرته " شارع الأميرات " ... هذه السيرة تُعتبر جزءاً ثانياً لسيرة سبقتها وهي المعنونة بـ " البئر الأولى " .. ولإن اللهفة كانت تقتلني لقراءة جبرا تجاوزتها وبدأت في شارع الأميرات . أذكرني وأنا أبتاع هذه السيرة من العم : " نوفل " صاحب دار الآداب، أنقده ثمنها كما طلب دون مفاصلة .. ويختبئ الكتابُ في الخزانة، حتى قررتُ قراءته . جبرا هو كاتبي، اكتشفتُ هذا وانا التهم احداث سنواته العجائبية في لندن وفلسطين وبغداد، القدرة على السردِ العميق بمثلِ هذه البساطة والتمكن هو ما أطلبه وأنا أقرأ .. أريدُ من الكاتب أن يسحبني بخيطٍ رفيع دون أنّ أحُس إلى آخر صفحة .. جبرا أوسع من أن تستوعبه يومية بسيطة لقارئة أبسط، جبرا بحر .. جبرا الفنان التشكيلي، الكاتب، الشاعر ، الناقد ، المترجم ، اللأستاذ الجامعي ، الحبيب، الصديق، الأب .. الإنسان ! عنّ كتابه هذا سأتحدث_  رغماً عني لإني لا أملكُ إلا الحديث وإلا اختنقت بالنسيان، وضاعت القراءة _ سأتحدث عنّ قصته التي لا تُصدق مع مسز مالوان ( أجاثا كريستي )، تجربتهُ اللندنية الغزيرة .. تجر