التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, ٢٠١٢

11

بعضُ القراءاتُ تستحيلُ لقنبلة أرقٍ موقوتة لا تنفجرُ إلا حين أضعُ رأسي على الوسادة، لذا لا تقرأ وانتَ تضمرُ النوايا لتنام مُبكراً .. إقرأ قصص أطفال أو شاهد فيلماً مملاً أو مسلسلا رتيباً لتتحقق أمنيتك وتنام سريعاً  خالي البال من لعنة كتابٍ ما . *** كُتب على غلاف الكتاب الذي قرأته ليلة الأمس مُسمى رواية. وبعد قراءته  رأيته ككتابٍ نقدي يسخرُ بذكاء من الرواية المحلية، وأحياناً تشطحُ السخرية للرواية العربية ..حيث ُعرج على بعض الروائين العرب مثل تاج السر ... عبد الواحد الأنصاري سَخَّر رواية الإسماعيلي لنقد الرواية السعودية وتعاطيها مع متغيرات المجتمع والسياسة، بدأ الأنصاري الرواية بتشويق ،وكأنه ببدايته تلك يشيرُ إلى جاذبية الرواية لدى غالبية الكتاب المحليين .. ثم توشوشت الصورةُ لدي عن حكاية رواية الإسماعيلي في منتصف الكتاب ، فترهلت وضاع نسجها ثم أتت النهاية بلا نهاية، يلفها الغموض .. هذا الكتاب حوى رواية سعودية بإمتياز قدر عبد الواحد أن يمثلها عبر الإسماعيلي . *** علي إسماعيل كتب رواية وقام بطباعةِ نسخٍ عديدة ليكدسها لديه ولا يقرأها إلاه وعبد الواحد الذي قابله صدفة أثناء إستلام

10

تعلمون حتماً عنّ نوعية الكُتب التي تشعرُ بعد قراءتها وكأنك لمّ تقرأها أصلاً، بلّ كأنك تُشاهدُ فيلماً سينمائياً محبوكاً .. من نوعية الأفلام التي لا تشعرُ بكمية السحر الذي قذفته في وجدانك وحواسك إلا بعد أنّ ترى كلمة النهاية فتقوم لا شعورياً بمد أطرافك المتيبسة من جراء الجلوس الطويل بهيئة واحدة تُشبه التماثيل، لتسمع طرقعة مزعجة لعظامك تحاولَ أنّ تصم أذنيك عنها حتى لا يزولَ أيُ أثرِ سمعي أو بصري للفيلم . الكتاب هو : " العمى " والكاتب هو : " خوسيه ساراماغو " البرتغالي ... إنها المرة الأولى التي أطرقُ فيها كُتب هذا البرتغالي العجوز، كُنتُ قبل قراءته أعلمُ بان اسمه تسبقه كلمة مدينة العمى أو العميان لدى القراء اللذين أعرفهم، حتى بات مرادفاً لروايته تلك، أجزمُ أنها قد تكونُ رواية حياته.. أي أنها الكتاب الذي تتفرع منه جميعُ كتبه وإليه أصلها، ففي عُرف الكتابة دائماً يقال بأن الكاتب يكتبُ رواية واحدة وما غيرها يكونُ صدىً لها ، لدي ذلك الإحساس الملح بأن هذه الرواية هي رواية ساراماغو ولنّ أعبأ إن كان هذا الإحساسُ خاطئاً، فالأثر الذي رسمتهُ الرواية في صفحة عقلي يجعلني مقنعة تم

آلو ... ذُقتِ مسقعة سعاد حسني ؟

 هذه مغامرة اليوم العاشر التافهة والتي أخجل من وضعها إلا أنّي لا أملكُ سواها، أعذروني  فكُل الفضل لعبث الرائعة فاطمة بالتأكيد :) ... والتي استمتعت معها ومع الآخرين طوال عشرة أيام لاهثة! ... الهاتف يعني لي حياة، فيومياً أحادثُ أختي وأمي .. حادثت أختي بالأمس .. وهذه هي نص المحادثة : أنا : _ آلو .. السلام عليكم أختي : _ عليكم السلام ... هلا _ كيفكم أخباركم ؟ _ الحمد لله كلنا بخير .. شوفي أنا مستعجلة أريد طريقة مسقعة الباذنجان الجديدة _ أي وحدة ؟ _ لا تستهبلين، يعني أي وحدة تبع سعاد حسني  في فيلم "موعد على العشاء " مثلاً ... _ وش سعاد حسني بعد ؟ _ يووة هذي قصة طويلة إذا تقابلنا أحكيها لك ... أعطيني آخر وحدة شفناها في برنامج الطبخ ... _ تطبخيها على الغداء ؟ _ إيه .. يعني وش رايك أدق عليك الظهر وش ابي أكيد بسويها .. _ يا ويلكم بعطيكم عين _ هههه يلا أعطيني طريقتها ... وتلت علي طريقة المسقعة  .. التي طهوتها على الغداء ولمّ تنجح ! بسبب أختي أكيد :) ..

غُلبتْ !

... هذه التدوينة بالذات هي أصعبها علي في المسابقة التدوينية، أنا فاشلةٌ جداً في إبتكار الأغاني رغم عُشقي لمربى التوت واليوسفي، اما الشمسُ فهي التي لا أشعرُ باليومِ دونها .. القمر يبدو بالنسبة لي بعيداً وقبيحاً وغير شاعري أبداً، حينَ أفكرُ بالقمر تقفز لذهني تجاويفه  الصخرية  البشعة التي إكتشفناها في مادة العلوم .. وأصبحتُ أشعرُ بان خلف ضوء القمر الجميل حكاية ما  بعد ان عرفتُ تأثيره على ماء البحر بظاهرتي المد والجزر وإرتباط خرافة المستذئبون باليوم 15 من الشهر القمري ... أنا نكدية وثقيلة دم صح ؟ اعتذرُ ولكنّ لا أملك سوى أغنية سيد درويش : طلعت يا مـــــحلا نورها شــمس الشموســه يالله بنـــا نمـــــلا ونحلب لبـــن الجاموســــه قــاعد ع الســـاقية خللى اســــــمر وحليــوة عـوج الطــــــاقية وقاللى غنى لى غنيــــــوة قلتلـــو يامحــمد حبـــــك .. شقلــبـلى عــقلى ميتا  ساندويش المربى يجهز قبل ما آكل ايدي طلعت يا مـــــحلا نورها 

حوار حقيقي

لمّ أمارس ولا مرة الكتابة بلهجتي العامية او أي لهجة أخرى، أحبُ لهجة اهل لبنان واتمنى أن أجيدها لإنها تبدو لي طافحة بالكلمات الفصيحة الجميلة واللحن الساحر وطريقة نطق الحروف الفخمة.. اتمنى انّ أُجيد لهجة عامية  تُشبه لهجة جدتي القوية وقدرتها على إلقاء الأمثال الشعبية بذكاءٍ مُبهر، أتمنى أن أملك كياستها وحُسن دعواتها وفطنتها في الرد ... قبل أسبوعين دار بيني وبينها حوارٌ قصير هو ما أجده مُناسباً للكتابة ... ( قالت جدتي  وهي تضحك :  _ " الصوت خلاخل والبلى* من داخل " قلتُ وأنا أدون المثل في مفكرتي : _ يمه وش تقصدين بهذا المثل ؟ _ يعني أنّ الظاهر زين لكنّ الصدق أنّ خرابه واجد، وإنّا نقول ذا المثل إذا شفنا الشي شكله زين وماندري وش وراه والغالب انّ وراه عيوب كثيرة .. _ ألحين فهمت . ) * البلى : من يبلى يعني يفسد .. وانتهى :)

مللا انت.

... الآن لا أقدرُ على إغلاق الباب بقوة ورفع صوت الأغنية التي أحبها عالياً، أنا الآن أبعدُ مايكونُ عن معنى الوحدة .. الوحدة هذا اليوم لا تتحقق إلا في مساحة قدرها متر في متر ونصف من المربعات وقتَ النوم، أنا الآن في بيت العائلة الكبير الذي لا تكادُ تسمعُ فيه سوى صوت ضربات قلبك بعد  أن ترتد عبر دمك إلى طبلتي أذنك، البيت ملآن بالبشر وأصوات الصغار وركلات الكرة البلاستيكية التي تدوى بشكلٍ حاد ... كُنتُ أفعلها حين آتي للمنزل شبه الخالي إلا من أمي والخادمة، أرمي الحقيبة على الأرض ويتردد في فضاء غرفتي صوتُ فيروز بتذكر اخر مرة شفتك سنتها بتذكر وقتها اخر كلمة قلتها ماعدتشفتك وهلاّ  شفتك... كيفك انت... مللا انت... بتذكر اخرسهر سهرتا عنا بتذكر كان في وحدة مضايق منا هيدي امي تعتل همي... منك انت... مللا انت. كيفك قال عمبيقولو صار عندك ولاد... انا والله كنت مفكرتك برات البلاد شو بدي بالبلاد... الله يخلي الولاد كيفك انت... ملا انت... بيطلع عبالي ارجع انا واياك انت حلالي ارجع انا واياك... انا انت... مللا انت... بتذكر اخر مرة شو قلتلي... بدك ضللي بدك فيكي تفللي... زعلت بوقتها وما حللتها... انو انت...

الحقيبة كبطاقة هوية !

" في المطارات تضيعُ وجوهنا ولانحمِلُ سوى حقائبنا كهوية تدلُ علينا .. في المطارات لا دلائلَ للوجوه المتعبة بحواجبها المشعثة والتي تحملُ سيماء الإنتظار .. في المطارات لا تهمني سحنات المسافرين فينصرفُ بصري لحقائبهم .. ووفقاً لحقائبهم أتخيلُ من أي البلادِ أتوا ولأي المحطاتِ هُم منطلقون .. من تشبثهم بمقابض الحقيبة أعرفُ كم ُهم متلهفين على نداء الإقلاع والعودة إلى الوطن والأهل والهواء الذي لنّ تضيع رائحته بين مطر الغربة، في المطارات يجلسُ المسافرُ على المقاعد وعيناه ترفان على ركبتيه المهزوزتين، وينقلبُ ضجيجُ المطارات إلى صممٍ مؤقت .. لا دواء له سوى النداء : " تُعلن الرحلة رقم ( ... ) عن إقلاع رحلتها للتوجه إلى ............... "

عالمي رفوف !

وانا طفلة كُنتُ أحلمُ بأن أكون ممثلةً في أروقة السينما، كُنتُ أريدُ أن أمتهن التمثيل .. ولإني وحيدة في بداية طفولتي إلا من أخوين لعبتهما الأثيرة كرة القدم دائماً، كُنتث أكلم الثلاجة وأتخيلُ صوت المخرج وطقطقة اللوح المكتوب عليه بالطباشير الأبيض : المشهد الأول اللقطة 20 ، ويبدأ الفيلم من بطولتي وبطولة الثلاجة ! أما المهنة الحقيقية التي أسعى لإن تكون واقعاً فهي : " أمينة المكتبة " ... وفي فيلم الساعات فعلت جوليان مور ما كُنتُ أريده، في ليلة حزمت حقائبها وهاجرت لتعمل امينة مكتبة .. المكان الذي قد يحتوي الكون في بضعة رفوف .. المكتبة مُرادف آخر للكون، وصنوف المعرفة كواكبه .. أما كُل كتاب هي عالمٌ حقيقي .. داخله تعيشُ حيواتٌ كثيرة  .. إنه المكان الذي يستحق ترك كُل شيء وراء ظهري والإنطلاق إليه .. إنها المهنة الحُلم .

ليموزين !

" كانت الساعة الثالثة صباحاً عندما رن الهاتف لأول مرة ولكنه توقف، وما أن وضعت رأسي من جديد لأنام حتى سمعت بعض الطرق على باب غرفتي، كان الطرقُ رقيقاً لكنّه مُتلاحق يشي بإضطراب الطارق .. فتحتُ الباب ورأبتُ عبد الحكيم بوجه مُصفر يميلُ إلى الخضرة كانَ يرفعُ نظارته لأعلى عظمة أنفه بإرتباك : _ آسف لإني أيقظتك . _ لمّ أكنُ نائماً كُنتُ أقرأ، هل أنتَ من اتصل على هاتفي ؟ كُنتُ أكذب.. كان إرتباكه عظيماً.. والعِرق الأخضر يسار عنقه ينبض بطريقة مخيفة .. لمّ أكُن لأزيد توتره  إن علم أنّي أستعد للنوم . _ نعم .. _ ماذا تُريد ؟ _ هُناك صوت في الخارج .. _ أين ؟ _ في الفناء الخارجي .. _ أنتَ تتوهم اللصوص أذكى منّ يُصدروا أصواتاً .. _ أقسم لك، تعال وأقترب من باب الدرج .. ذهبتُ معه وضعتُ أذني على الحديد البارد، لمّ أسمع صوتاً التفتُ إليه وفي فمي تتكور شتيمة .. سمعنا فجأة خبطات عنيفىة وصوت إحتكاك معدني ، قُلتُ له : _ هذه ليست حركة بشر ! بلع ريقه : _ ماذا تقصد ؟ _ أوه ذهب خيالك بعيداً جداً .... هذه حركة حيوان . _ أنتَ تعلم لايوجد لدينا حيوان . _ قد تكون قطة  ... _ القطط لمّ تفع

أصيرُ نملة !

حكتْ لي صديقتي نورة وانا في خامس إبتدائي عن حديقتهم الكبيرة المزروعة بالنجيل و شجيرات ورد الجوري والفل الذي يفيض كرمها في الصباحات الباردة فتحضرُ وردتين واحدة لها والأخرى تهديني إياها لأغرسها بين خصلات شعري القصير أو في جيب المريول الأمامي، وحكتْ لي عنّ أرجوحتهم الخضراء الكبيرة لدرجة أنهُ بمكنها الإستذكارُ على مقعدها وهي تتأرجح، وحينَ طلبتُ من أمي زيارتها بحجة الأرجوحة والمذاكرة رفضت أمي وهي تضحك وتشيرُ لأرجوحتنا الهزيلة المطعوجة بزوايا حادة تخدشني كُل مرة حين أهمُ بالركوب .. حينها تمنيتُ أن أصير نملة ! حلمتُ أن أملك القدرة على  تحويري من إنسان إلى نملة بطريقة تشبه مافعلته أليس في بلاد العجائب، هكذا بسلاسة ودونَ ألم .. حلمتُ أنّ أصير نملة وقتما أريدُ فأدلفُ في حقيبة نورة وأذهب معها لأرى أشجار الورد والمرجيحة الخضراء، وحين تفرغ حقيبتها من كتبها انسلُ بهدوء وسلام دون أن تشكُ نورة أنني رفيقتها للحظة واحدة .. أنسابُ في طرقات بيتهم ومن ثم أتسلقُ عواميد الأرجوحة بصبرٍ حثيث يشبهُ صبرَ قبيلة النمل التي هاجمت القط توم وطرحته من أعلى أرجوحته القماشية بين شجرتين، حتى أصل للمقعد بجانب أيٍ من

الساندويتش الذي تصنعه أمي

لا زِلتُ أحتالُ على امي كي تصنع لي شطيرتها المفضلة بـ مُربى الفراولة والجبن الأبيض رُغم الطفلين اللذين يتشبثان بأذيال فستاني، لازِلتُ أشعرُ بأني تلك الطفلة التي تهرع لأمها ظهيرة يومٍ دراسي لتشكو معلمتها العصبية لتربتُ على كتفي وتقول : " لابأس أنتِ قوية " . لازِلتُ أستمدُ من هدوءها وطيبتها القوة التي تفخرُ بها وهي تقول : فاطمة أنتِ أجرأ مني ، وهي لا تعلم أنها مصدرُ تلك القوة وسببها .. حين ربتت على كتفي في تلك الظهيرة، وحين تركتني وأنا فتاة تتأرجح بين الطفولة والصبا لأقدم أوراقي بنفسي للتسجيل في مدرسة الحي الجديد وفي عينيها نظرة إعتذار وبين يديها لفة بيضاء تُطلُ منها رأسُ أختي الصغير، وحينَ باركت لي بنجاحي وقالت لي حينها : انتِ صاحبة القرار أنتِ إختاري التخصص الذي تُحبيه، وحين همست لي عبر سماعة الهاتف وبطني تتأرجح بآلام المخاض لأول مرة : فاطمة أنتِ قوية أنتِ لستِ بحاجة إليّ . أمي مثل كُل الأمهات يضوعُ من مفرقها رائحةُ طيبٍ شرقي لها وحدها ، وفي يديها يستكينُ لونُ الحناء الغامق الذي لنّ تراه إلا في أيدي الأمهات، وتُحبُ اللون البنفسجي ، وتصنعُ ألذ شطائر مُربى وهي لا تعلم أن

حياة هادئة أكثر من اللازم

حينَ قررتُ المشاركة في هذه التدوينة التفاعلية  في مدونة أنا كفاطمة إكتشفتُ انّ حياتي رتيبة وهادئة أكثر من اللازم .. فلا وجود لآثار الإبتكار والعبث في ماضي أو حاضري إلا وانمحت، فتطلبت هذه التدوينة عصر المخ وتمريناً للذاكرة حتى خرجت هذهِ القائمة :) : 1 ـ  تعلمتُ أن لفرشاة الأسنان إستخدامات أُُخر .. فخصصتُ واحدة لتنظيف زرايا الأرضيات الرخامية الضيقة الملاصقة للجدار، وأخرى لتنظيف مقابض القدور الصغيرة . 2 ـ يبدو سطح الثلاجة العلوي مخبأ مثالي عن أيدي الأطفال الصغيرة .. بشرط ألا تكون المواد المخبوءة ثقيلة جداً تسبب الضرر عند سقوطها، او مواد كيماوية حارقة . 3 ـ أما باب الثلاجة فهو لوحة مغناطيسية عظيمة، لتعليق الجداول الدراسية ، والمواد الغذائية الناقصة ، والملاحظات، وجداول الوجابات .. والرسائل بين أفراد العائلة اللذين تكون الثلاجة نقطة تواصلهم . 4 ـ  زجاجات عصائر سيزر بنقوشها الدائرية والهندسية تستهويني بعد إفراغها من العصير وتنظيفها ، فأحتفظ بها بعد تلوينها ببساطة بـ ألوان الزجاج كفازات ملونة ورائعة للورد تُعطي رونقاً مع أشعة الشمس كُل صباح . 5 ـ أستخدمُ صندوقي القماشي لحفظ الكتب والمجل

قبل الثلاثين !

"  أنا الآن أدونُ تفاصيل الرحلة التي قد لا تحدٌث في حياتي سوى مرة واحدة، الحياة قصيرةٌ وهشة جداً ... هذا هو الشعور الأقرب للحتمية الذي قد تشعرُ به وانتَ قد بِتَ أقرب للثلاثين منك للعشرين، في سنوات العشرين تشعرُ أنّ حياتك واسعةٌ جداً وفارغة، فتودُ أنّ تُحقق كُل ما اختزنه عقلك على هيئة الأحلام ..تأملُ بحياةٍ مُنفردة، نواتها أنتّ .. وجلّ أناس هذه الحياة يدورون حولك حيثُ أصبحتَ مركزها وصنعتَ لكَ فلككَ السرمدي الخاص ... فتبدأ برسم ملامح أفراد أسرتك الصغيرة بقلم خيالك، وتصوغ  حياتك من جديد: أسرة، عمل، كتاب، مكتبتك الحُلم . وحينَ تشعرُ أنك ستتخطى السنين الربيعية لتدخلُ خريفك خالياً من إلا من حُلمً أو حلمين هزيلين وباهتين، تُغمضُ عينيك وتُفكر كم هي الحياةُ قصيرةٌ حقاً . "

9

لكلِ قراءة صوتٌ ما،  فالقارىء يحتفظ بأصواتٍ عديدة يدورُ لغطها داخل رأسه الصامت، تحكي الروايات، أو تصفُ منظراً ما، وقد تشرحُ لكَ أيها القارئ نظرية معقدة، او تحاولُ إفهامك قضيةً فلسفية عصيبة تدورُ رُحاها أيضاً في رأسك، وتطحنُ حجرتي الرحى خلايا مُخك الرمادية المسكينة وانتَ تقرأ . *** أحتفظُ داخلَ رأسي بالعديدِ من الأصوات، لعلَ أقدمها صوتُ جدتي بارك اللهُ في سنينها وهي تقصُ علي " السباحين "(1) أثناء قراءتي لأساطير شعبية تأليف : عبد الكريم الجهيمان، أو صوتُ ممثلٌ مصري طفل" لا أذكرُ إسمه " يروي تفاصيل مغامرات تختخ ورفاقه المغامرين الخمسة، وصوتُ هيركل بوارو متضخماُ مُتقطع الحروف بسبب الغليون الذي لايفارقُ شفتيه بلغة إنجليزية تحملُ لكنة بريطانية فخمة سمعتها وأنا في المتوسط من أحد أفلام القناة الثانية .. وأصواتٌ كثيرة اختلطت وذابت مع الكتب التي قرأتها عبر ربع قرنٍ إلا قليلا . *** قرأتُ ( الحارس في حقل الشوفان ) من تأليف ج . د . سالنجر بترجمة العراقي غالب هلسا .. إنني الآن أحاولُ التذكر ما إذا كانت هذه الرواية أولى روايات الأدب المريكي التي قرأتها .. اتذكر