لوح وطبشورة لم يمنع كفاف البصر جدي أن يعلم أولاده العشرة، ولم تقف الأمية جداراً بين جدتي وبينهم لدفعهم وتشجيعهم عبر نسج حكاياتها الملهمة حتى آخر أيامها، برع أخوالي في مجالات عدة، حتى أمي وخالي (ع) اللذان كانا يظنان افتقارهما للموهبة والتميز كمنت عبقريتهم في شعورهم المرهف وكونهم دودتي كتب شرستين. تعلمت من أمي كيف أقرأ، كانت كتبها المثيرة الممنوعة تتساقط في حضني كهدايا من السماء، صناديق مجلات الفن والسينما المصرية، مجلات طبية، وأساطير صحراوية مارجة، تمر السطور تحت تحت عيني دون فهم نصفها أو أكثر مما يستفزني لخرق المزيد وقراءة الكتب المخبأة تحت السرير وفي المخزن. حكت لي أمي حكاية عن اللوح الخشبي في بيتهم الطيني الذي غرسه جدي في مركز البيت قائلاً لهم: هذا اللوح ميدان براعتكم .. هنا خطوا الحروف، الكلمات، ضعوا النقاط كما ينبغي وارسموا الجيم وأخواتها بفن. فكانت المحصلة ٣ خطاطين ورسامين، ـ لم أرث هذه الصفة للأسف الميزة فخطي بشعٌ للغاية ـ وهكذا ورثت من جدي بعضاً من خياله كشاعر فيما شغفت كما جدتي الحكيمة بالقصص والحكايات رحمهما الله رحمة واسعة. *** دانييل جوتليب: دروس الجد لل...