" ولن أتحدث عن إكتشافي لطه حسين ولشعر المتنبي اللذين أُضيفا إلى ذخيرتي من القراءة المستمرة : ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة ، ولا عن جماعة الجراموفون في المدرسة التي اكتشفت عن طريقها الموسيقى الكلاسيكية وأحببتها . ولكن لا بد أن أشير ولو مجردإشارة إلى مظاهراتنا كطلبة ضد الإنجليز وضد الملك فاروق، الذي أزعم أن أول مظاهرة حاشدة خرجت تهتف بسقوطه وبعودته مع أسرته إلى أنقرة كانت هي إحدى مظاهرات السعيدية الثانوية . وفي تلك الأيام كانت اهتماماتنا تشمل الوطن العربي إن لم يكن العالم كله . فقد خرجنا في مظاهرات ضد فرنسا بسبب جرائمها في تونس والجزائر، وضد انجلترا من أجل العراق، وضد الصهيونية من أجل فلسطين، وكان من أساتذتنا من يُعلمنا الوطنية كجزء من المقرر . وأذكر مثلاً الأستاذ السعدني مدرس التاريخ الذي كان يؤنب التلاميذ حين يتخلفون عن مظاهرة وطنية، وكان الأستاذ السعدني يعلم أنه يُغامر بوظيفته حين يحثنا على التظاهر ضد الملك، ولكنه كان يُعلمنا أيضاً أن نغامر حباً للوطن . وكم مرة ضربنا الجنود بالهراوات في تلك المظاهرات وكم مرة سمعنالعلعة الرصاص ! كان ذلك في السنوات القليلة التي سبقت الثورة ، أيام حك...