لايدري العجوز كيف حدث ماحدث، كل مايعلمه ويحسه هو الخفقان القوي داخل صدره، هو متيقن من أن داخل قفصه الصدري الآن عصفور لا قلب، فما يحدث له يتجاوز أي منطق أو قاعدة .... لدرجة أنه متأكد من حدوث شيء خارق له في اللحظات القادمة : فإما أن يموت أو ينقلب لطفلٍ رضيع بلا ريب . كان يجزُ شجر الحديقة ... عندما صدحت الأغنية ! انهمرت الدموع من عينيه كشلال متدفق من العدم ، وامتدت عظام السُلامى في قدمه حتى مزقت حذاءه الخاص بالمزرعة، وتساقطت أسنانه دفعة واحدة، ثم بدأ يقفز ! ليست الحكاية أنها مجرد قفزة عادية، لقد قفز ثم قفز وقفز وقفز بلا نهاية، وكان يشعر بأن أحشائه بحالٍ غريبة، كان يشعر بكبده وطحاله وقلبه وكأنهم في حفلة راقصة .. يقول الجيران أنه جز عشب الحديقة كُله في ٤ ثوان ! وسمعوا صوت تكسر خشب في المساء، وحين إستيقظوا وجدوا باب بيته محطماً بفظاعه، وصالونه البسيط مكشوف للملأ وعامر بالطيور والحيوانات الضالة ...... أما العجوز : فلم يكن له من أثر .